كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

{فَقَبَصتُ قَبْصَةً} وَرَوَاهُ قَوْمٌ: "فَتَقْبِضُ" والقَبْضُ بالكَفِّ كُلِّها، والقَبْصُ: بِأَطْرفِ الأصَابعِ (¬1).
وَ [قَولُهُ: "اكتَحِلِي بِكُحلِ الجِلاءِ"، [105] الجَلا (¬2): كُحلٌ يَجْلُو البَصَرَ، إِذَا فُتْحَتِ الجِيمُ قُصِرَ، وإِذَا كُسِرَتْ الجِيمُ مُدَّ، وَفِي كِتَابِ "العَينِ" (¬3) إِنَّ الجَلا: الإثْمِدُ، وهذَا غَيرُ صَحِيح، ولا هُوَ المُرَادُ بِهذَا الحَدِيثِ؛ لأنَّ الإثْمِدَ إِنَّمَا تَتزيَّنُ بِهِ النِّسَاءُ، وإِنَّمَا الجَلا كحلٌ يُحَكُّ عَلَى حَجَرٍ ويُؤخَذُ مَا تَحَلَّلَ مِنْهُ فَيُكْتَحَلُ بِهِ، وَفِيهِ حِدَّةٌ وألم، وَيَدُلُّ عَلَى أَنّه يؤلمُ العَينَ ولَيسَ الإثْمِدَ قَوْلُ
¬__________
= الكشَّاف (2/ 551).
(¬1) بذلك فسَّرها ابن خالويه في إعراب القراءات (2/ 53)، وابنُ الجَوْزِيِّ في زادِ المَسير (5/ 318)، وهي كذلِكَ في مَعَاجِمِ اللُّغَةِ، الصِّحَاحِ، واللِّسانِ، والتَّاج (قبص) وغيرها.
(¬2) لم يتفقِ أَهْلُ اللَّغَةِ على قَصره ومدّه، ولم يقيدوا القَصْر والمَدَّ بفتح الجيم وكَسرها، وذكر ابنُ الجَبَّان في "شرح الفَصِيح" الجلا -بالمدِّ والقَصْرِ-: ضرَب من الكُحلِ، وذكره بفتح الجيم، وهو خِلافُ مَا ذهب إليه المؤلِّف كَمَا تَرَى. وأَكْثرهم على أَنّه مَقْصُورٌ لا غَير.
وحكى عن بَعضِهِم المَدَّ والقَصْرَ فيه. يُراجع: المقصور والمَمدُود لابن ولاد (26)، والمقصُور والممدُود لابن علي القالي (65)، وجمهرة اللُّغة (1/ 493)، والمُخصص (15/ 122)، واللِّسان، والتَّاج (جلا).
(¬3) العين (6/ 180)، ولم يخصصه في الحديث المذكُور، وعبارته مختصرة هكَذَا: "الجلا مقصور: الإثمد؛ لأنَّه يجلو البَصَرَ" إلَّا أَنْ يَكُون ذكره في غير مَوْضعه. وقَال أبُو عُبَيدٍ في غريب الحَدِيث (4/ 338): "هو عِنْدَنَا: الأثمدُ، سمي بذلِكَ؛ لأنَّه يجلو البَصَرَ فيقويه"، والمَجْمُوع المُغيث (1/ 345)، ونقل عن الجبّان في "شرح الفصيح" أنَّه هو الحَلاءُ بالحَاءِ وقيل: معنَاهُ حُكاكةُ حَجَرٍ على حَجَرٍ. وَرَوَى بيتَ الهُذَلِيُّ المُنْشَدَ هُنا.

الصفحة 59