كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

لِي" وكَذَا رَوَينَاه عن أَبي عُمَرَ، والأصلُ اللَّام، وإِنَّمَا تُحذف مَجَازًا وتَخْفِيفًا، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: زِنْ لِي [وَكِلْ لِي] ثُمَّ يَحْذِفُوْنَ اللَّامَ فَيقُوْلُوْن: زِنِّي وكِلْنِي، ومنه [قَوْلُهُ تَعَالى] (¬1): {كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ}.
- قَوْلُ مَالِكٍ [-رحمه الله-]: "يَثْبُتُ العِتْقُ"، و"صَارَت الخَمسُوْنَ دِينارًا"، و"ثَبتَت حُرمَتَه" [2]. كَذَا الرِّوَايَةُ، وَكَانَ الأحسَنُ أَن يَجْعَلُ الأفْعَال كُلَّها بِلَفْظِ الفِعْلِ المُضارعِ أَوْ المَاضِي، وَلكنَّ العَرَبَ رُبَّمَا استَعملت أَحَدَهُمَا مَكَانَ الآخَرِ.
قَوْلُهُ: "حَتَّى يُؤْيَسَ مِنَ المَالِ الغَائِبِ". كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُبَيدِ اللهِ (¬2) وجَمَاعَةٍ سِوَاهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ. وَوَقَعَ في بَعْضِ الروَايَاتِ: "حَتَّى يتبَيَّنَ" (¬3) وهكَذَا رَوَاهُ ابنُ وَضَّاحٍ، وكَذَا وَجَدتُهُ في كِتَابِ أَبِي عُمَرَ (¬4). والوَجْهُ فِي هذهِ الرِّوَايَةِ أنْ تُجْعَلَ "مِنْ" زَائِدَةً عَلَى مَا مَذْهب الأخْفَش و [ابن] الأنْبَارِيِّ؛ لأنَهُمَا حَكَيَا أَنَّ "مِنْ" تزادُ في الكَلامِ الوَاجِبِ وَذلِكَ خَطَأٌ عِنْدَ سِيبَويهِ وأَصحَابِهِ (¬5)، وإِنَّمَا تزادُ عِنْدَهُم في النَّفْي كَقَوْلكَ: مَا جَاءَنِي مِنْ رَجُلٍ، وَأَظُنَّه تَصْحِيفًا، وَوَقَعَ في الرِّوَايَةِ: "يُؤيَسَ مِنْ" أوْ لَعَلَّهُ كَانَ: حَتَّى يَتبَيَّنَ أَمرُ المَالِ الغَائِبِ فَسَقَطَتْ الألِفُ مِنْ "أَمرِ" (¬6).
¬__________
(¬1) سورة المطففين، الآية: 3.
(¬2) في الأصل: "عبد الله".
(¬3) هكَذَا في رواية يحيى.
(¬4) النَّصُّ كُلُّه في الاقتضاب لليَفْرُنِيِّ، قَال: "وَكَذَا وَجَدتُهُ في كِتَابه أبي عُمَرَ وكذا قيَّدتُهُ في كِتَابِي". وَأَبُو عُمَر هُوَ ابنُ عَبْدِ البَرِّ.
(¬5) تكرَّر مِثْلُ ذلِكَ فِيمَا سَبَقَ.
(¬6) في الأصلِ: "من يُؤنس".

الصفحة 78