كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

لأنَّه يَعُوْدُ على الأبِ. وذَهَبَ يَحْيَى بِذلِكَ إِلَى الأبِ وغَيرِهِ، أَوْ جَعَلَ الأبَ بِمَعْنَى الآبَاءِ كَمَا قَال تَعَالى (¬1): {إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101)} والأشْبَهُ أَنْ يَكُوْنَ غَلَطًا كَمَا غَلِطَ في قَوْلهِ: "فَلِزَوْجِهَا شَرْطُ الحِبَاءِ" وإِنَّمَا هُوَ شَطْرُ (¬2).
- و [قَوْلُهُ: "وَكانَ في وَلَاتةِ أبِيهِ"]. الولايَةُ: الإِمَارَةُ بالكَسْرِ لا غَيرُ، وَإِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى الوَلاءِ جَازَ فِيهَا الفَتْحُ والكَسْرُ، وبِذلِكَ قَرَأَتِ القُرَّاءُ (¬3): {مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيءٍ} بِكَسْرِ الوَاو وفَتْحِهَا.
- وَذُكِرَ أَنَّ العَجَّاجَ (¬4) نكَحَ الدَّهْنَاءَ بنْتَ مِسْحَلٍ فعَجَزَ عَنِ افْتِضَاضِهَا فَاسْتَعْدَتْ عَلَيهِ الأمِيرَ وَقَالتْ: إنِّي مِنْه بِجُمْعٍ (¬5)، فَقَال: كَذَبَتْ، إِنِّي لآخُذُهَا العُقَيلَي
¬__________
(¬1) سورة النساء.
(¬2) جاء في "الاقتضاب" لِلْيَفْرُنيِّ: "على أَنَّه في كِتَابي من رِوَايَةِ يَحْيَى مُصْلَحٌ: "شَطْرَ الحِبَاءِ".
وهو كذلك مصلح في رواية يحيى المطبوعة.
(¬3) سورة الأنفال، الآية: 72. وجاء في "إعراب القِرَاءَات السَّبْع وعللها" لابن خَالويه (1/ 334) ذكر هَذه الآية، وذكر معها قَوْلَهُ تَعَالى في سُوْرَةِ الكَهْفِ، الآيَة: 44 {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ} فَقَال: "قَرَأَ حَمْزَةُ بكسرِ الواو فيهما جَمِيعًا، وقَرَأ الكِسَائِي بفتح الوَاو في "الأنفال" وكَسْرِ الوَاو في "الكهف"، وقرأ الباقون بِفَتْحِهِمَا كِلَيهِمَا، فقَال قَوْمٌ: هُمَا لُغَتَان، الوَلايةُ والولايةُ، مِثْل الوَكالةِ والوكَالةِ، والدَّلالةِ والدِّلالةِ. وقال آخَرُوْنَ: الولايةُ: الإمارةُ، والوَلايةُ في الدِّين، يُقَالُ: ولِيٌّ بيِّنُ الوَلايَةِ، ولا يُقَالُ: والٍ حَسَنُ الوَلاية، فَأمَّا الكِسَائيُّ فَفَرَّقَ بينهما؛ لأنَّه أتى باللُّغَتَين".
(¬4) خَبَرُ العَجَّاجِ مَعَ امْرَأَتِهِ مَذكورٌ في المَحَاسن والأضْدَادِ (374)، وشرح المقامات (2/ 291). ويُراجع: العين (5/ 310)، وكنز الحفَّاظ (347)، والتَّنبيه والإيضاح لابن بَرِّي (فتخ)، وعنه في اللِّسان، والتَّاج. وقد تقدم في الجزء الأول.
(¬5) أي: لم يَفْتَضَّهَا، وبعدَهَا في بَعْضِ رِوَايَاتِ الخَبَرِ أَنه قَال: [ديوانه: 2/ 312، 313]
اللهُ يَعْلَمُ يَا مُغِيرَةُ أنَّني ... قَدْ دُسْتُها دَوْسَ الحِصَانِ المُرْسَلِ =

الصفحة 8