كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

عَمَلِهِ أَنْ يَفْعَلُوه (¬1)، وَلَيسَ عَلَى إِطْلاقِهِ، أَلا تَرَى أَنّه قَدْ أتْبَعَ ذلِكَ صعُوْدَهُ عَلَى المِنْبَرِ ونَهْيُهُ عَنْ ذلِكَ.
قَال (ش): "أَمَّا قَوْلُ مَنْ قَال إِنَّ "لَهُم" بِمَعْنَى "عَلَيهِم" (¬2) فَلَيسَ لي (¬3) في هذَا المَوْضع وإِنْ كَانَ جَائِزًا في غَيرِهِ لِوجهينِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَسَاقَ الحَدِيثِ تَجَرُّدَهُ وَمُرَاجَعَةُ أَهْلِ بَرِيرَةَ (¬4) في ذلِكَ.
والثَّانِي: أَنَّ اللَّامَ لَا تُسْتَعمَلُ بِمَعنَى "عَلَى" إلَّا فِي المَوَاضِعِ الَّتِي لَا إِشْكَال فِيها وَلَا التِبَاسَ، وأَمّا فِي مَوْضِعَ يَلْتَبِسُ فِيه الشَّيءُ بِضِدِّهِ فَلَا يَصِحُّ ذلِكَ فِيه، أَلا تَرَى أَنَّ قَوْلَهم: "اشْتَرِطِي لَهُم" ضِدَّه اشْتَرِطِي عَلَيهِم، وَلَيسَ ذلِكَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلهِ [تَعَالى] (¬5): في {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} ولا كَقَوْلهِ [تَعَالى] (¬6): {لهمُ اللَّعنَةُ}؛
¬__________
(¬1) في الأصل: "يخلوه".
(¬2) في الأصل: "بحملهم".
(¬3) هكَذَا جَاءَتِ العِبارة في الأصلِ، ولا شَكَّ أَن تَحْرِيفًا أَوْ نَقْصًا طَرَأَ عَلَيها لَمْ أَتَمَكَّن من معرفته وإصلاحه.
(¬4) بَرِيرَة مَولاة عَائِشَةَ المَذْكُوْرَة في هذَا الحَدِيث لَها أَخْبَارٌ في: الاستيعاب (1795)، والإصَابة (7/ 535)، وهي مَضْبُوْطَة فيهما بضمِّ البَاء وفتح الرَّاء، وضبطت في تبصير المنتبه (78) بفتح الباء وكسر الرَّاء، ومحققهما واحدٌ؟ ! ، وفي التبصِير: "لها صُحبة وشهرة". وَقَيَّدَ اللَّفظة الحَافِظُ ابنُ نَاصر الدِّين في التَّوضيح بالحروف قال: "قُلْتُ: هي بفتح المُوَحَّدة وَكَسْرِ الرَّاءِ ثُمَّ مُثناة تَحتَ سَاكِنَةٍ، ثُمَّ رَاءٍ مَفْتُوْحَةٍ، ثُمَّ هاء، روت عن مولاتها أمُّ المُؤمِنِينَ عَائِشَة وغَيرِها".
(¬5) سورة الإسراء، الآية: 7.
(¬6) سورة الرَّعد، الآية: 25، وهذهِ الآية لم ترد في الكلام المتقدم. ووردت في كلام اليَفْرُني =

الصفحة 88