كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)
[العَيبُ في الرَّقِيقِ]
والرَّقِيقُ: اسْمٌ يَقَعُ (¬1) عَلَى العَبِيدِ المُسْتَرَقِّينِ وَاحِدُهُم وَجَمْعُهُم مُذَكَّرُهُم ومُؤَنَّثهم حَسَنُهُم وقَبِيحُهُم، يُقَالُ مِنْهُ: رَقٍّ الرَّجُلُ رِقًا فَهُوَ رَقِيقٌ كَمَا يُقَالُ: عَتَقَ فَهُوَ عَتِيقُ: إِذَا لَمْ يُجْرَ عَلَى الفِعْلِ، فَإِنْ أُجْرِيَ عَلَى الفِعْلِ قِيلَ: عَاتِقٌ، وَكَذلِكَ كَانَ يَجِبُ في اسْمِ الفَاعِلِ مِنْ رَقَّ أَنْ يُقَال: رَاقٌ، لكِنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: رَقِيقٌ لِلوَاحِدِ والجَمِيع، وَيجْمَعُ أَرقَّاءَ. وَقَوْلُهُ: "رَقِيقٌ" أَرَادَ الجَمَاعَةَ وَلِذلِكَ أَنَّثَ، وَلَوْ أَرَادَ الجَمْعَ لَذَكَّرَ فَقَال: "وَجْهُ ذلِكَ" (¬2). وَمِثْلُهُ: [قَوْلُهُ تَعَالى] (¬3): {وَإِذْ قَالتِ الْمَلَائِكَةُ} و {إِذْ قَالتِ الْمَلَائِكَةُ} ونَظِيرُ الرَّقِيقِ في كَوْنِهِ مَرَّةً جَمْعًا وَمَرَّةً وَاحِدًا: الصَّدِيقُ والرَّفِيقُ، قَال تَعَالى (¬4): {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} وَقَال جَرِيرٌ (¬5):
¬__________
(¬1) نَقَلَ اليَفْرُنِيُّ شَرْحَ هَذِهِ الفَقْرَة بأَكْملها في "الاقتضاب".
(¬2) هكذا العبارة في رواية يحيى من الموطأ (2/ 615)؟ ! .
(¬3) سورة آل عِمْرَان، الآية: 42، 45. قُرِئَتْ بالتَّأنيثِ، وهي قِرَاءَةُ الجُمهُوْرِ. وبالتَّذْكِيرِ وهي قِرَاءَةُ عَبْدِ الله بنِ مَسْعُوْدٍ، وعَبْدِ الله بنِ عَمْرٍو في المَوْضِعَينِ. يُراجع: البَحْرُ المُحيطُ (2/ 455، 459).
(¬4) سُورة النِّسَاء، الآية: 69.
(¬5) ديوان جَرير (1/ 372) من قَصِيدَة يمدحُ بها الحَجَّاجَ أَوَّلُهَا:
بِتُّ أُرَاعِي صَاحبَيَّ تَجَلُّدًا ... وَقَدْ عَلَقَتْنِي مِنْ هَوَاكِ عَلُوْقُ
فَكَيفَ بِهَا لَا الدَّارُ جَامِعةُ الهَوَى ... وَلَا أَنْتَ عَصْرًا مِنْ صَبَاكَ مُفِيقُ
أَتَجْمَعُ قَلْبًا بالعِرَاقِ فَرِيقُهُ ... وَمِنْهُ بِأطَلالِ الأرَاكِ فَرِيقُ
وَرِوَايَتُهُ هُنَاكَ: "دَعَوْنَ ... " وأَشَارَ مُحَقِّقُهُ في الهَامش إلى هَذِهِ الرِّوَايَةِ. والشَّاهد في: الخصائص (2/ 412)، وتخليص الشَّواهد (184)، والأشباه والنَّظائر (5/ 233)، وهو =
الصفحة 97