كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 2)

[مَا يَفْعَلُ في الوَلِيدَةِ إِذَا بِيعَتْ ... ]
- ذَكَرَ قَوْلَ ابنِ عُمَرَ: "لَا يَطَأ الرَّجُلُ وَلِيدَةً إلَّا وَلِيدَةً إنْ شَاءَ باعَهَا ... الحَدِيثُ" [6]. ظَاهِرُهُ إِنَّمَا نَهَى عَنِ الوَطْءِ لا عَنِ الشِّرَاءِ، وَيَجُوْزُ لِمَنْ لَمْ يُجِزِ الشِّرَاءِ أَنْ يَقُوْلَ: إِنَّ الشَّيئَينِ إِذَا تَعَلَّقَ أَحَدُهُمَا بالآخِرِ تَعَلُّقَ السَّبَبِ بالمُسَبَّبِ والأشْيَاءُ المُتَلازِمَةِ فَرُبَّمَا أَوْقَعَتِ العَرَبُ الشَّيءَ عَلَى أحَدِهِمَا والمُرَادُ النَّهْيُ عَنْهُمَا جَمِيعًا (¬1)، كَأَنَّهُ قَال: لَا يَكُوْنُ مِنكمْ سُؤَالٌ فَيَكُوْنُ إِلْحَافٌ، وإِثْبَاتُ السُّؤَالِ الَّذِي لَا إِلْحَافَ فِيهِ، وَلكِنَّهُ نَفَاهُمَا جَمِيعًا كَأَنَّهُ قَال: لَا يَكُوْنُ مِنْكُمْ سُؤَالٌ فَيَكُوْنُ إِلْحَافٌ (1).

[مَا جَاءَ في ثَمَرِ النَّخُلِ يُباعُ أصْلُهُ]
-[قَولُهُ: "مَنْ باعَ نَخلًا قَدْ أبِّرَتْ فَثَمَنُهَا لِلْبائعِ"] [9]. أَبْرُ النَّخْلِ: هُوَ تَلْقِيحُهَا، يُقَالُ: أَبَرَ النَّخْلَ يَأبُرُهُ وَيَأبِرُهُ أَبْرًا، وأَبَارًا، وأَبَّرَهُ تَأبيرًا (¬2)، ويُسْتَعْمَلُ ذلِكَ في سَائِر الثِّمَارِ والزَّرْعِ وَلَا يُخَصُّ بِهِ النَّخْلُ دُوْنَ غَيرِهِ، والآَبِرُ: هُوَ المُلَقِّحُ، والمُوْتَبِرُ: هُوَ الَّذِي يَسْتَدْعِي إِلَى تَوْبِيرِ نَخْلِهِ (¬3)، ورُبَّمَا اسْتُعِيرَ الأبْرُ في كُلِّ شَيءٍ مُصْلَحٍ وإِنْ لَمْ يَكُنْ شَجَرًا وَلَا زَرْعًا، وَلِذلِكَ قَال الأصْمَعِيُّ: في تَأْويلِ قَوْلِ النَّبيِّ - عليه السلام - (¬4): "خَيرُ
¬__________
(¬1) - (1) كَذَا في الأصْل وَيَظْهَر أنَّ في العبارَةِ سَقْطًا، فَلَعَلَّ المُؤَلِّفُ قَد ذَكَرَ الآية الكَرِيمَة {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} ثمَّ شَرَحَهَا فَقال "كأَنَّه ... "، وَقَولُهُ: "وَإِثْبات السُّؤَالِ" صحَّته "وَلَمْ يَرد إثبات السؤال ... " وما زالت العبارة غامضة.
(¬2) غريب الحديث (1/ 350).
(¬3) في اللسان وغَيرِهِ، قَال طَرَفَةُ [ديوانه: 63]:
وَليَ الأصْلُ الَّذي في مِثْلِهِ ... يُصْلِحُ الآبِرُ زَرْعَ المُؤْتَبِرْ
(¬4) غَريب الحديث (1/ 350)، والنِّهاية (1/ 13)، وتَفسير القُرطبي (10/ 233)، ويُراجع: =

الصفحة 99