كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور (اسم الجزء: 2)

فقالوا: مانعرف ذلك يامحمد! وجحدوا ما عرفوا، وأصروا على الكفر، فأنزل الله فيهم (يا أيها الذين أوتوا الكتاب ءامنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها) .
أخرج أدم بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله: (أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها) فنردها عن الصراط، عن الحق (فنردها على أدبارها) ، قال: الضلالة.
قوله تعالى (أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت)
قال الشيخ الشنقيطي: لم يبين هنا صفة لعنه لأصحاب السبت، ولكنه بين في غير هذا الموضع أن لعنه لهم هو مسخهم قردة ومن مسخه الله قردا غضبا عليه فهو ملعون بلا شك، وذلك قوله تعالى: (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين) وقوله (فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين) والاستدلال على مغايرة اللعن للمسخ بعطفه عليه في قوله (قل أؤنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير) لا يفيد أكثر من مغايرته للمسخ في تلك الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (يا أيها الذين أوتوا الكتاب) إلى قوله (أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت) أي: نحولهم قردة.
قوله تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما)
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر في هذه الآية الكريمة أنه تعالى لا يغفر الإشراك به وأنه يغفر غير ذلك لمن يشاء وأن من أشرك به فقد افترى إثما عظيما. وذكر في مواضع أخر أن محل كونه لا يغفر الإشراك به إذا لم يتب المشرك من ذلك فإن تاب غفر له كقوله (إلا من تاب وأمن وعمل عملا صالحاً) الاَية فإن الاستثناء راجع لقوله (والذين لا يدعون مع الله إلها أخر) وما عطف عليه لأن معنى الكل جمع في قوله (ومن يفعل ذلك يلق أثاما) الآية وقوله (قل للذين كفروا إن

الصفحة 61