كتاب مختصر الإنصاف والشرح الكبير (مطبوع ضمن مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني)

هو نجس لأنه يسمى طهارة، وهي لا تعقل إلا عن نجاسة، وتطهير الطاهر محال، ووجه طهارته: "أن النبي صلى الله عليه وسلم صبّ على جابر من وضوئه"، والدليل على طهارة أعضاء المحدث: قول النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمن لا ينجس".
وأما المستعمل في طهارة مشروعة كالتجديد، ففيه روايتان، أو غمس فيه يد قائم من نوم الليل قبل غسلها ثلاثاً، فهل يسلب طهوريته؟ على روايتين:
إحداهما: لا يسلبه، وهو الصحيح، لأن الماء قبله طهور فبقي على الأصل، والنهي عن الغمس إن كان لوهم النجاسة، فالوهم لا يزيل الطهورية، وإن كان تعبداً اقتصر على النص.
والثانية: يسلبه للنهي، فلولا أنه يفيد منعاً لم ينه عنه، وروي عن أحمد: أحب إلي أن يريقه إذا غمس يده فيه. وهل يكون غمس بعض اليد كالجميع؟ فيه وجهان. ولا يجب غسلهما عند القيام من نوم النهار، وسوَّى الحسن بينهما، ولنا: قوله: "فإنّ أحدكم لا يدري أين باتت يده"، 1 والمبيت يكون في الليل خاصة. وإن كان القائم صبياً، ففيه وجهان. واختلفوا في النوم الذي يتعلق به هذا: فذكر القاضي أنه الذي ينقض الوضوء، وقال ابن عقيل: هو ما زاد على نصف الليل.
وتجب النية للغسل في أحد الوجهين، والثاني: لا يفتقر، لأنه علل بوهم النجاسة. ولا يفتقر الغسل إلى تسمية، وقال أبو الخطاب: يفتقر، قياساً على الوضوء، وهو بعيد، لأنها لو وجبت في الوضوء وجبت تعبداً. وإذا وجد ماء قليلاً ولم يمكنه الاغتراف، ويداه نجستان، فإن أمكنه الاغتراف بفيه ويصب
__________
1 البخاري: الوضوء (162) .

الصفحة 10