كتاب مختصر الإنصاف والشرح الكبير (مطبوع ضمن مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني)
شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً} الآية 1.
قال ابن المنذر: لا يلزم [من] الجواز في غير عقد الجواز في المعاوضة، بدليل الربا حرمه الله في العقد وأجازه في الهبة. فإن عضلها لتفتدي فهو باطل والزوجية بحالها. فإن قلنا الخلع: طلاق، وقع طلاقاً رجعياً. وقال مالك: إن أخذ منها شيئاً على هذا الوجه رده، ومضى الخلع عليه. فإن أتت بفاحشة مبينة فعضلها لتفتدي صح، لقوله تعالى: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} ، 2 والاستثناء من النهي إباحة. ويصح من الأجنبي من غير إذن المرأة، في قول الأكثر.
واختلفت الرواية إذا لم ينو به الطلاق، فعنه: أنه فسخ، وعنه: طلقة بائنة. ولا يحصل بمجرد بذل المال وقبوله من غير لفظ الزوج، لقوله: "اقبل الحديقة، وطلّقها تطليقة". 3 وليس في الخلع رجعة في قول الأكثر، لقوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} . 4 ويكره أن يأخذ أكثر مما أعطاها، ولم يكرهه مالك والشافعي.
ومن هنا إلى آخر الباب: من "الإنصاف":
استحب للزوج الإجابة، يعني: إلى الخلع الصحيح، واختلف [كلام الشيخ] 5 في وجوبها. وألزم به بعض حكام الشام المقادسة الفضلاء. وإن خالعت مع استقامة الحال كره ووقع، وعنه: لا يجوز ولا يصح، اختاره ابن بطة وصنف
__________
1 سورة النساء آية: 4.
2 سورة النساء آية: 19.
3 البخاري: الطلاق (5273) , والنسائي: الطلاق (3463) , وابن ماجة: الطلاق (2056) .
4 سورة البقرة آية: 229.
5 من المخطوطة.