كتاب مختصر الإنصاف والشرح الكبير (مطبوع ضمن مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني)
باب صريح الطلاق وكنايته
لو نواه بقلبه من غير لفظ لم يقع، في قول عامة أهل العلم، وقال الزهري: إذا عزم عليه، طلقت. قال ابن سيرين فيمن طلق في نفسه: أليس قد علمه الله؟ ولنا: قوله: "إن الله تجاوز لأمتي عما حدّثت به أنفسها، ما لم تكلم به أو تعمل ". 1 صححه الترمذي. ولو قيل: أطلقت امرأتك؟ فقال: نعم، وأراد الكذب، طلقت. ولو قيل: ألك امرأة؟ فقال: لا، وأراد الكذب، لم تطلق، لأنه كناية تفتقر إلى نية. وإن نوى به الطلاق، طلقت؛ وبه قال مالك والشافعي. قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه: أن جِدّ الطلاق وهزله سواء.
والكنايات الظاهرة سبع: أنت خلية، وبرية، وبائن، وبتة، وبتلة، وأنت حرة، وأنت الحرج. أكثر الروايات عن أحمد كراهة الفتيا في هذه الكنايات مع ميله إلى أنها ثلاث. والثانية: ترجع إلى ما نواه، وهو مذهب الشافعي. فإن لم ينو شيئاً فواحدة. ونحوه قول النخعي، إلا أنه قال: طلقة بائنة. واحتج الشافعي بحديث ركانة، "أنه طلق البتة فاستحلفه صلى الله عليه وسلم: ما أردت إلا واحدة، فحلف فردّها عليه". رواه أبو داود. وقال مالك: يقع بها ثلاث، إلا في خلع، أو قبل الدخول، وإن لم ينو؛ ووجه أنها ثلاث: أنه قول عمر وعلي وزيد، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم، وحديث ركانة ضعف أحمد إسناده
__________
1 البخاري: العتق (2528) والطلاق (5269) , ومسلم: الإيمان (127) , والترمذي: الطلاق (1183) , والنسائي: الطلاق (3435) , وأبو داود: الطلاق (2209) , وابن ماجة: الطلاق (2040) , وأحمد (2/393, 2/425, 2/474, 2/481, 2/491) .