كتاب مختصر الإنصاف والشرح الكبير (مطبوع ضمن مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني)

باب النذر
الأصل فيه: الكتاب والسنة والإجماع. لا يستحب النذر، للنهي عنه، وهو نهي كراهة لا تحريم، لأنه مدَح الموفين به. والنذر كاليمين، وموجبه موجبها، إلا في لزوم الوفاء به إذا كان قربة، دليله: قوله لمن نذرت المشي ولم تطقه: "ولتكفّر يمينها"، وفي رواية: "ولتصم ثلاثة أيام". 1 قال أحمد: إليه أذهب. ولمسلم عن عقبة، مرفوعاً: "كفارة النذر كفارة يمين"، 2 وقال ابن عباس للتي نذرت ذبح ابنها: "كفّري يمينك". فإن قال: "لله عليّ نذر" وجب به كفّارة يمين، في قول الأكثر، لا نعلم فيه مخالفاًً، إلا الشافعي فقال: لا تنعقد. ولنا: حديث عقبة المتقدم، وفيه: "إذا لم يسمّ". ونذر اللجاج والغضب الذي يقصد به الحض والمنع، فهي يمين يخيّر بين فعله وبين كفارة يمين، لحديث عمران، رفعه: "لا نذر في غضب، وكفارته كفارة يمين". 3 رواه سعيد. وعن أحمد: أن الكفارة تتعين للخبر.
ونذر المباح يخيّر بين فعله والكفارة، وقال مالك والشافعي: لا ينعقد، لحديث: "لا نذر إلا فيما يبتغى به وجه الله"، 4 ولحديث أبي اسرائيل رواه البخاري، وحديث المرأة التي نذرت أن تمشي إلى البيت، فقال: "مروها أن تركب". صححه الترمذي، وحديث الأنصاري الذي نذر مثلها متفق عليه، ولم يأمره بالكفارة. ولنا: ما تقدم من نذر الغضب، وحديث المرأة، فعند
__________
1 البخاري: الحج (1866) , ومسلم: النذر (1644) , والترمذي: النذور والأيمان (1544) , والنسائي: الأيمان والنذور (3814, 3815) , وأبو داود: الأيمان والنذور (3293) , وابن ماجة: الكفارات (2134) , وأحمد (4/143, 4/145, 4/149, 4/151, 4/201) , والدارمي: النذور والأيمان (2334) .
2 مسلم: النذر (1645) , والترمذي: النذور والأيمان (1528) , والنسائي: الأيمان والنذور (3832) , وأبو داود: الأيمان والنذور (3323) , وأحمد (4/144, 4/146, 4/147, 4/148, 4/156) .
3 النسائي: الصيام (2116) , وأحمد (4/321) .
4 البخاري: الصوم (1960) , ومسلم: الصيام (1136) , وأحمد (6/359) .

الصفحة 749