كتاب المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل (اسم الجزء: 2)
__________
إنما يكون بحسب حاله فعندي أنه لا يفعل ذلك بمن ندرت منه نادرة وهو من أهل البيوتات وذوي الهيئات فأما إن كان معروفا بذلك يتكرر منه أشباه ذلك فردعه بما يراه الحاكم رادعا لمثله وإن أفضى إلى إشهاره راكبا والأصل في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مثل بالعرنيين لما رأى ذلك حدهم وعقوبتهم والصحابة رضي الله عنهم بعده مثلت لما رأت ذلك فأبو بكر أحرق في اللواط وعلي أحرق الزنادقة في الأخاديد ولما شاور أبو بكر في حد اللواط وفي الذي يلاط به اختلف الصحابة في أنواع المثلة فقيل يحرق وقيل يرجم وقيل يرمى من شاهق أعلى بيت في القرية وقيل يحبس إلى أن يموت انتهى كلامه.
وكلام الإمام أحمد في رواية حنبل السابق يشهد له.
واحتج الحنفية فقالوا الرجوع عن القول الموجب وهو الإقرار بالزنا أسقط عنه الحد فالرجوع عن القول الذي يوجب التعزير وهو التزوير على المشهود عليه أولى أن يسقط عنه.
فقال القاضي والجواب أنه ليس الخلاف فيمن تاب وإنما الخلاف فيمن ثبت عليه أنه شهد بالزور إما بقيام البينة على إقراره بذلك أو بعلم الحاكم به قطعا بأن شهد بقتل رجل والحاكم يعلم أنه لم يقتل وهو أن يكون الرجل عنده وقت القتل أو يكون الذي يدعي أنه مقتول حي لم يقتل فأما إذا تاب فإنا لا نعزره وقيل لا يسقط التعزير بالتوبة لأنه قد تعلق بحق آدمي وهو شهادته عليه وحقوق الآدميين لا تؤثر فيها التوبة.
قال الشيخ تقي الدين أما إذا تاب بعد الحكم فيما لا يبطل برجوعه فهنا قد تعلق به حق آدمي ثم تاره يجيء إلى الإمام تائبا فهذا بمنزلة قاطع الطريق إذا تاب قبل القدرة عليه وتارة يتوب بعد ظهور تزويره فهنا لا ينبغي أن يسقط