كتاب شرح العقيدة الواسطية للعثيمين (اسم الجزء: 2)

ولا منافاة بين القرب والعلو؛ لأن الشيء قد يكون بعيدًا قريبًا؛ هذا بالنسبة للمخلوق؛ فكيف بالخالق؟! فالرب عزَّ وجلَّ قريب مع علوه، أقرب إلى أحدنا من عنق راحلته.
* هذا الحديث فيه فوائد:
- فيه شيء من الصفات السلبية: نفي كونه أصم أو غائبًا؛ لكمال سمعه ولكمال بصره وعلمه وقربه.
- وفيه أيضًا أنه ينبغي للإنسان ألا يشقَّ على نفسه في العبادة؛ لأن الإنسان إذا شق على نفسه؛ تعبت النفس وملت، وربما يتأثر البدن، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اكلفوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا" (¬1).
فلا ينبغي للإنسان أن يشق على نفسه، بل ينبغي أن يسوس نفسه: إذا وجد منها نشاطًا في العبادة؛ عمل واستغلَّ النشاط، وإذا رأى فتورًا في غير الواجبات، أو أنها تميل إلى شيء آخر من العبادات؛ وجهها إليه.
حتى إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر من نعس في صلاته أن ينام ويدع الصلاة؛ قال: "فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه" (¬2).
ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم حتى يقول القائل: لا يفطر،
¬__________
(¬1) رواه: البخاري (1151، 1970)، ومسلم (782)؛ عن عائشة رضي الله عنها.
(¬2) رواه: البخاري (212)، ومسلم (786)؛ عن عائشة رضي الله عنها.

الصفحة 55