كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 2)

(و القاضي العثماني) لكن الشيخ بحكمته تغلب على كل هذا ورغم ما عاناه المصريون من المماليك فقد رأوا في الفرنسيين خطرا داهما يجب التصدي له وارتفع الشيخ الشرقاوي إلى مرتبة الزعامة الشعبية فقاوم طغيان (محمد بك الألفي) وجمع المشايخ وأغلق المسجد وأمر الناس بإغلاق الحوانيت وجاء اليه (ابراهيم بك) ليسأله عن سر ذلك فقال (نريد العدل ورفع الظلم وإقامة الشرع وابطال المكوس) واضطر إبراهيم بك إلى تحقيق مطالب الشيخ نيابة عن الأمة وصمم الشيخ أن تكون الاستجابة كتابة يوقع عليها أمراء المماليك (و عرفت بالشرطة) ولما أنشأ نابليون (الديوان الوطني) ضم عشرة من العلماء رأسهم (الشرقاوي) وأمر نابليون أن تؤدى للعلماء التحية العسكرية إجلالا لهم وكان يستقبلهم عند الباب الخارجي لمقر قيادته (و خصص للعلماء الخيل) ككبار رجال الدولة وشارك في الأعياد الدينية وأمر جنوده بإطلاق المدافع في هذه المناسبات لكن الشيخ الشرقاوي أحس أنها مجرد مظاهر لتأليف العلماء ولم ير في نابليون إلا غازيا معتديا لكنه رأى مهادنته حتى تنتظم صفوف الشعب على عكس (الشيخ السادات) وأعوانه الذين رأوا مناوأته.
واستغل الشيخ الشرقاوي علاقته الطيبة بالفرنسيين فكان يشفع للأهالي في رد المظالم ومنع جنود الحملة من العبث والخروج على التقاليد الاسلامية وكان نابليون يلبي طلباته، لكن نابليون أحس بعداوة الشرقاوي للحملة فقبض عليه وسجنه في القلعة مع زعماء الجهاد لكنه سرعان ما أخرجه لحاجته إليه وحاول التقرب إليه بكل السبل وتنبه الشيخ الشرقاوي الى المدنية الحديثة والعلوم المتطورة التي جاءت بها الحملة الفرنسية وقارنها بالتخلف الذي عليه مصر وكل الولايات الخاضعة للحكم العثماني وكان نابليون دائما يقول لرجاله (إذا كسبتم ثقة العلماء وخاصة هذا الشيخ-يقصد الشيخ الشرقاوي-فستكسبون الرأي العام في مصر كلها).
وعلم نابليون أن الشيخ الشرقاوي يتلقى رسائل سرية من الخليفة

الصفحة 352