وعاد للقاهرة بعد أن استقر الأمن وكان يرى في مجيء الحملة الفرنسية إلى مصر مكسبا علميا وبركة لأنها فتحت أعين العلماء على حقائق خفية وبهذا جمع الشيخ بين الثقافة العربية والثقافة الغربية ورحل كثيرا الى الخارج وأجاد عدة لغات منها التركية والفرنسية والالبانية وزار كثيرا من أوطان العرب وكان في كل بلد يلقي محاضراته ويقبل عليه العلماء وكان شاعرا مجيدا وكاتبا عميقا ولهذا اسندت اليه (جريدة الوقائع المصرية) فرأس تحريرها وأعلن آراءه ودعا الى ادخال العلوم الحديثة وجلاء التراث العربي، وحث على الرجوع الى أمهات الكتب وعدم الاكتفاء بالحواشي والمتون (و منه تلقى رفاعة الطهطاوي) الذي أسهم في نقل مصر من عصر التخلف الى عصر النهضة والاحتكاك بالثقافات العالمية وكان شعار الشيخ العطار (إن بلادنا يجب أن تتغير أحوالها وتتجدد بها المعارف) وهو الذي وجه تلميذه (رفاعة الطهطاوي) لتسجيل كل ما تقع عليه عينه في فرنسا وان يستجلب معه كل ما تقع عليه يده من ذخائر الكتب وهو الذي شجعه على الترجمة (و تأسيس مدرسة الالسن)، وعالج علم الجغرافيا معالجة جديدة واهتم بالخرائط واستفاد من خبرة علماء الحملة واكب على عيون الكتب المهجورة وبسطها لطلابه وبدأ أول خطوة في (فن الفهرسة) بحيث يعود الطلاب الى المراجع القديمة بسهولة.
وكان خلية دائبة يدرس ويصنف المؤلفات ويشرح الكتب ودفع طلابه الى الخروج من التراكيب اللغوية العقيمة وتحرير الكتابة من قيود الصنعة التي شاعت في عصور الانحطاط ورغم طغيان محمد علي فقد كان يجله ويستشيره واطلق يده في النهضة العلمية ففتح الابواب للعلوم الحديثة وأشرف على انشاء المدارس المتعددة (ثم ولاه مشيخة الأزهر) سنة 1246 ه وجدد في الشعر العربي وفتح الطريق أمام شعراء النهضة (كالبارودي وشوقي وحافظ) وأراد الرحيل إلى مكة ولكن طلابه تعلقوا به وهددوا بترك الدراسة حتى رضخ لهم وبقي في مصر.