كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 2)

والكوفة وبغداد وفي مسجد القيروان، وفي مسجد القرويين 1، وفي غيرها من المساجد الكبرى، ولكن هذه الحلقات لم يكتب لها الدوام والاستمرار ما عدا حلقات مسجد القرويين بفاس بالمغرب.
وكان انشاء الأزهر عام 361 ه‍ وقيام الحلقات العلمية فيه منذ انشائه حتى اليوم وطيلة ألف عام معجزة الثقافة الاسلامية التليدة الخالدة، لأن الأزهر اليوم هو أم الجامعات الاسلامية، وهو الذي يمدها بالتوجيه وبالأساتذة، وبالخطط العلمية المدروسة.
وقامت بعد ذلك الجامعة النظامية التي أسسها الوزير نظام الملك وزير السلطان السلجوقي الب أرسلان وصديق الشاعر الصوفي الكبير عمر الخيام، وذلك عام 457 ه‍، ثم الجامعة المستنصرية في بغداد، كما قامت جامعات إسلامية أخرى في نيسابور ودمشق وبيت المقدس والاسكندرية والقاهرة وغيرها من عواصم العالم الاسلامي، ولكنها اندثرت ولم يبق منها شيء.
والأزهر على أية حال هو الصورة المشرقة لكل الجامعات الاسلامية، وهو الذي يلخص تاريخ الحضارة الاسلامية كلها طيلة ألف عام، فقد ازدهر بازدهارها وضعف بضعفها، ولأنه لم يكن جامعة اسلامية لمصر وحدها، بل كان جامعة اسلامية للعالم الاسلامي كافة، يؤمه طلاب العلم من كل مكان في بلاد الاسلام، وهو مفخرة المفاخر حظا، لأنه روح الحضارة الاسلامية ودرعها الواقي. وبحسبنا انه كان موئل العربية وملاذها الأمين.

- 2 -
والفاطميون هم الذين أنشأوا الأزهر في مصر، اثر فتحهم لها مباشرة،
__________
1) نوقشت في كلية اللغة العربية في 13/ 3 / 1974 رسالة دكتوراة عن (جامعة القرويين ودورها في حفظ ثقافة الاسلام قدمها أحمد البهي الحفناوي) باشراف د. عبد الحميد بخيت وعضوية الدكتورين محمد الطيب النجار والسيد عبد العزيز سالم.

الصفحة 406