كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 2)

(بالاقتصار) وقد حضر هذا الدرس عدد عظيم من الناس. وأثبت أسماء الحاضرين. .
وذكر لنا المقريزي وصفا حيا لصلاة الجمعة، كما كان يقيمها الخلفاء الفاطميون في الجامع الأزهر في شهر رمضان: فكان صاحب بيت المال يذهب مبكرا إلى الأزهر ليشرف بنفسه على تنظيفه وتنظيمه واعداده لصلاة الجمعة للخليفة، فيفرش الحرم بالسجادات اللطيفة والحصر، ثم تغلق أبواب المسجد ويجعل عليها الحجاب والبوابون. وكانت توضع في المقصورة ثلاث طنافس دمقسية او سامانية بيضاء بعضها فوق بعض، وتوضع فوق الجميع الحصيرة التي يقال انها كانت لجعفر الصادق وأحضرت الى مصر سنة 400 ه‍ (1009 م) في عهد الحاكم بأمر اللّه، وكان ينصب على جانبي المنبر ستران احمران رقيقان كتب على الأيمن البسملة والفاتحة وسورة الجمعة وعلى الآخر البسملة والفاتحة وسورة المنافقين، ويقوم قاضي القضاة قبل قدوم الخليفة بتبخير القبة التي يقف تحتها الخليفة وقت إلقاء الخطبة، وكان يضعها أحد كتاب البلاد. وكان الخليفة في هذا اليوم يرتدي ثوبا من الحرير الأبيض، ويتعمم بعمامة من الحرير الأبيض الدقيق كذلك، ويحمل في يده قضيب الملك ويحف به عدد كبير من الأشراف والعلماء والعسس وحرسه الخاص.
وكان الخليفة يركب بين قرع الطبول ورنين الصنوج وقراءة القرآن بنغمات شجية، بعد ان يسلم لكل واحد من مقدمي الركاب أكياس الذهب والفضة، ويستمر الحال كذلك إلى أن يصل الخليفة الى قاعة الخطابة ويظل في القاعة حتى ينتهي الأذان. حينئذ يخرج ويأخذ مكانه تحت قبة المنبر، فيقف الوزير على باب المنبر ووجهه للخليفة، فاذا أومأ إليه صعد فقبل يدي مولاه ورجليه وزر سترى الحرير عليه، وبذلك يكون المنبر والقبة كالهودج، ثم ينزل الوزير وينتظر على باب المنبر، فاذا لم يكن الوزير صاحب السيف، فان قاضي القضاة هو الذي يزر السترين. وكانت الخطبة التي يلقيها الخليفة قصيرة تشتمل على آية من القرآن. ثم يذكر الخليفة

الصفحة 408