وكانت وظيفة خطيب الجامع الأزهر تعد من الوظائف الدقيقة التي يحاول أن يرتفع اليها كثير ممن يتولون مناصب الدولة الكبيرة، وذكر ابن ميسر ان وظيفة الخطابة بالجامع الأزهر قد أسندت عام 517 ه إلى داعي الدعاة أبي الفخر صالح.
وكان نظام الحلقات الذي كان متبعا في تلك الحقبة من الزمن هو النظام الوحيد للدراسة الممتازة، وكان أساس الحياة العلمية والفكرية في مصر. فلما أن تحول الجامع الأزهر الى جامعة منذ انشائه، اتخذت الدراسة فيه طابع الحلقات الموجودة في ذلك الوقت، اذ لم يكن قد استعيض عنه بنظام آخر. وبانتقال هذا النظام الى الأزهر انتقلت معه دراسة العلوم بمختلف أنواعها، فازدهرت فيه وترعرعت
- 3 -
واستمر الأزهر كذلك الى نهاية القرن السادس حينما ابتدأ ملوك مصر وسلاطينها في انشاء المدارس. فأنشأ صلاح الدين الأيوبي عام 566 ه المدرسة الناصرية بجوار جامع عمرو لتدريس الفقه الشافعي، كما أنشأ بجانبها المدرسة القمحية لتدريس الفقه المالكي، وكان من أشهر من درسوا فيها العالم المؤرخ ابن خلدون، وحذا حذو صلاح الدين كثير من أمراء البلاد وأعيانها، فأنشأوا كثيرا من مدارس للتخصص، بعضها شافعي والبعض الآخر حنفي أو حنبلي، أو لتدريس الفقه والحديث.
وتعد المدرسة الصالحية التي أنشأها الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 641 ه، أول مدرسة درس فيها الفقه على المذاهب الأربعة.
ولقد عانى الأزهر منافسة شديدة من جراء وجود أمثال تلك المدارس التي كانت مكتظة بالطلاب، مستأثرة بأعظم وأحسن الأساتذة والعلماء، متمتعة بعناية الأمراء وذوي اليسار وثقتهم. فوهبوها المال والهدايا، وأجروا