كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 2)

في الأمة، بما تجاري به الأمم، المعاصرين لها في كل ما يشمله الأمر بالاستعداد، بل هي تجب بعض تلك العلوم على طائفة من الأمة بمعنى ان يكون واجبا وجوبا كفائيا على نحو التفصيل الذي ذكره فيها الإمام حجة الاسلام الغزالي في احياء العلوم ونقله علماء الحنفية وأقروه. وإذا كان الحكم فيها كذلك، فهل يجوز قراءتها مثلما تجوز قراءة العلوم الآلية من نحو وغيره الرائجة الآن بالجامع الأزهر وجامع الزيتونة والقرويين وغيرها؟ افيدوا: الجواب، لا زلتم مقصد لأولي الألباب».
فأجابه الشيخ الأنبابي عام 1305 ه‍ بالفتوى الآتية:
يجوز تعلم العلوم الرياضية مثل الحساب والهندسة والجغرافيا لأنه لا تعرض فيها لشيء من الأمور الدينية، بل يجب منها ما تتوقف عليه مصلحة دينية أو دنيوية وجوبا كفائيا، كما يجب علم الطب كذلك، كما أفاد الغزالي في موضع من الأحياء. وان ما زاد على الواجب من تلك العلوم مما يحصل به زيادة التمكن في القدر الواجب فتعلمه فضيلة، ولا يدخل في علم الهيئة الباحث عن أشكال الأفلاك والكواكب ومسيرها علم التنجيم المسمى بعلم أحكام النجوم، وهو الباحث عن الاستدلال بالتشكيلات الفلكية على الحوادث السفلية فانه حرام، كما قال الغزالي وعلل ذلك بما محصله انه يخشى من ممارسة نسبة التأثير للكواكب والتعرض للاحياء بالمغيبات، مع كون الناظر قد يخطىء لخفاء بعض الشروط أو الأسباب عليها لدقتها.
وأما الطبيعيات، وهي الباحثة عن صفات الأجسام وخواصها، وكيفية استحالتها وتغييرها كما في الأحياء في الباب الثاني من كتاب العلم. فان كان هذا البحث عن طريق أهل الشرع فلا مانع منها كما أفاده العلامة شهاب الدين أحمد بن حجر الهيثمي في جزء الفتاوى الجامع للمسائل المنتشرة، بل لها حينئذ أهمية ثمرتها كالوقوف على خواص المعدن والنبات المحصل للتمكن في علم الطب، وكمعرفة علم الآلات النافعة في مصالح

الصفحة 415