كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 2)

المتوفي عام 1336 ه‍ (1723 م) سقف الجامع وكان قد آل الى السقوط.
ماشت مصر في أعقاب غزو العثمانيين لها في ظلام دامس زهاء الثلاثة قرون. ففي مدة الثمانية اشهر التي قضاها الفاتح سليم في مصر، سلب البلاد جميع نفائسها وآثارها وكتبها ومؤلفاتها الخطية لأعلام فقهائها مثل ابن اياس والمقريزي والسخاوي والسيوطي، كما أرسل الى بلاده أمهر العمال والفنانين والكتاب في مصر.
ولم يكن الأزهر أقل من غيره تأثرا بتلك الحركة فقل فيه العلماء النابهون، وانعدم الانتاج الفكري والأدبي، وأهملت فيه دراسة العلوم الرياضية اهمالا تاما.
ولكنا لا نستطيع أن ننسى أن الأزهر قد بذل مجهودا جبارا في الاحتفاظ بمكانته التليدة وهيبته العظيمة حتى في نفوس الغزاة أنفسهم، فنرى الفاتح سليم يؤدي له الزيارة مرارا، بل كان حكام مصر الأتراك يلجأون وقت الشدة الى علماء الأزهر وشيوخه يلتمسون منهم العون والمساعدة عند شبوب الثورات أو قيام الفتن.
وقد وجدت اللغة العربية لنفسها مأوى في الأزهر طيلة الحكم العثماني لمصر. ثم ابتدأت بمجرد انتهاء ذلك الحكم في الظهور والنمو.
فقد استمر الأزهر ملاذا لطلاب العلوم الاسلامية واللغة العربية يؤمه هؤلاء الطلاب من جميع البلاد الاسلامية. واستطاع الأزهر منذ أوائل القرن التاسع عشر ان يحيا حياة جديدة. وكانت مهمة الأزهر في الاحتفاظ باللغة من الصعوبة بمكان. بل يعتبرها المؤرخون أعظم ما وفق الأزهر لاسدائه من خدمات لعلوم الدين واللغة والفقه خلال القرون الثلاثة الأخيرة، بل لعلها أعظم ما قام به الأزهر منذ انشائه الى الآن.
وقضت حملة نابليون عام 1798 م على الحكم التركي في مصر، وعلى الرغم من أنها لم تستمر في مصر أكثر من عامين إلا انها تركت أثرا عميقا في جميع النواحي العقلية والعلمية. فقد ضمت الحملة العلماء

الصفحة 421