كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 2)

أعضاء وعينت المواد التي يجب أداء الامتحان فيها وتقرر للطلاب مكافآت دراسية، وأخذ التنافس والتشاحن على الأمور التافهة يقل بعد ان كان شائعا بين جميع الطوائف الأزهرية.
والحق أن عصر إسماعيل كان عصرا رائعا في تاريخ الأزهر. فقد تفتحت فيه ثمار النهضة الحديثة وابتدأ الأزهر يفيق من سباته الطويل ويتطلع بدوره الى فهم الروح الجديدة وان كان ببطء. وكان للسيد جمال الدين الافغاني أثر كبير في انماء هذه النهضة، فقد كان لحلقاته الشهيرة التي كان يشرح فيها كثيرا من علوم الكلام والفقه والفلسفة والمنطق بأسلوبه العصري المبتكر أثر عظيم في نفوس من استمع إليه في ذلك الحين من طلاب الأزهر وشويخه.
وكانت الشهادة التي تعطي للعالم في نهاية دراسته تكتب في المعية السنية متوجة بختم الخديوي كما يخلع عليه الخديوي (فراجية) وشريطا مقصبا يجعله في عمامته في مواضع تشريف، ويكتب للجهات باحترامه وتوقيره، ولم يكن يسمح بالامتحان إلا لستة طلبة، فإذا ازداد العدد يرجح منهم من امتاز بالشهرة او بالوجاهة او كبر السن.
ولما جاء الأفغاني إلى مصر، تتلمذ على يده وعلى حلقته العلمية الخاصة الطالب الأزهري محمد عبده، وصادفت تعاليم الأفغاني في نفس الأزهري الصغير أرضا خصبة. فأخذ عنه كل مبادئه وأغراضه. ثم أصبح وهو ما زال طالبا يقرأ دروسا في الأزهر على أسلوب أستاذه، موضوعها التوحيد والمنطق والحكمة والفلسفة. وكان يؤم تلك الدروس الجم الغفير من العلماء والمجاورين، فيرون كتبا جديدة وروحا جديدة وأسلوبا جديدا، فيه بلاغة وحرية فكر، وهنا ظهر الاصطدام بين مذهبين، مذهب الأزهر القديم الذي كان ينادي به الشيخ عليش، ومذهب محمد عبده وأستاذه، يجهر به هذا الطالب موفقا قادرا يبهر به الناس. كما ظهرت للشيخ الامام المقالات الصحفية في التصوف والتوحيد الممزوجين بالحكمة والفلسفة والمنطق،

الصفحة 424