كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 2)

ويجب ألا ننسى ذكر ما أدخل على برامج التعليم من التغييرات والتعديلات والكثير من المواد العصرية لصالحه كتاريخ التشريع والنظام الدستوري ومبادىء الاقتصاد ونظم التربية والاخلاق وعلم النفس واللغات الأجنبية والشرقية. كما أرسل عدد عظيم من خريجي الجامعة الأزهرية في بعثات الى باريس ولندن وبرلين. وقد عاد بعض هؤلاء الطلبة الى الأزهر لينشروا فيه ما تلقوه في تلك المعاهد من علوم حديثة وأفكار جريئة.
ولما مات الشيخ محمد مصطفى المراغى، رحمه اللّه اختير الشيخ مصطفى عبد الرازق لما عرف عنه من سمعة طيبة وكونه حائزا للشهادة العالمية الأزهرية وانه قام بالتدريس مدة ليست بالقصيرة بجامعة فؤاد وله مؤلفات قيمة في الفلسفة والأدب والتاريخ. وقد طلب الشيخ مصطفى عند تعيينه ان يعفي من حمل لقب الباشوية تواضعا وذلك لأنه لم يجر العرف في أن يحمل شيخ الجامع الأزهري اي لقب من ألقاب التشريف سوى لقب شيخ.
وفي عام 1961 وضعت الثورة قانونا جديدا لتطوير الأزهر فأنشأت فيه كليات جديدة للطب والصيدلة والهندسة والزراعة والعلوم وكلية للبنات، وصار الأزهر جامعة كبرى تشمل كل علوم الدين والدنيا، وتغير وجه الأزهر القديم، وصار الأزهر الحديث هو المائل بيننا الآن.
هذا هو الأزهر بيت العلم العتيق، ومثابة الثقافة الاسلامية، والذي حمل لواء المعرفة في مصر وفي الشرق الاسلامي قرونا متصلة، وحفظ التراث الاسلامي في الدين واللغة والعلوم ونشره على الآفاق طيلة ألف سنة أو يزيد. وقد تخرج فيه أفواج من العلماء خلال عصور التاريخ ممن انتشروا في بقاع الأرض وحملوا معهم مشاعل المعرفة والثقافة التي تزودوا بها في الأزهر فأضاءوا الأرض علما ونورا ورشادا.
وما يزال الأزهر حتى اليوم كعبة العلوم والآداب ومعقل آمال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.

الصفحة 429