كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 2)

ومما انفرد به أنه كان قد استخدم كتابا لنقل فتاواه وتولى إرسالها إلى طلابها في مختلف الأقطار، متحملا مكافآتهم شهريا وأجر ما يرسله بالبريد من الكتب والرسائل.
وقد عرف رحمه اللّه بالزعامة في علم الأصول، فكان يرجع إليه جلة العلماء فيما يشكل من مسائله، ويصادفون لديه لكل مشكلة حلا، كأنها مرت به من قبل فعالجها وانتهى الى ما يحسن السكوت عليه من أمرها. . وكان خاتم طبقة من العلماء المحققين الذين تميزوا في حياة الأزهر بالتبسط في العقائد، والتعمق في الفقه، فانتهت إليه الامانة فيهما حينا من الدهر. كما كان-غفر اللّه له-من أشد المعارضين لحركة الإصلاح التي قام بها الامام محمد عبده. دفعه الى تلك المعارضة الثائرة دوافع المنافسة من جهة، وتحريض أولى السلطان من جهة أخرى، وكان في الشيخ زكاته شاهدة ودعابة لطيفة، وطموح إلى مساماة الامام في منصبه ونفوذه وشهرته، حرك فيه الأخذ بنصيب من الادب والثقافة العامة. ولعله كان أعلم أهل جيله بدقائق الفقه الحنفي، وأبسطهم لسانا في وجوه الخلاف بين أصحاب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة.
وكان ميلاده في المطيعة من أعمال أسيوط في 10 محرم عام 1271 ه‍، وشب على الذكاء والعقل وحفظ القرآن المجيد، ثم حفظ متن الإجرومية في النحو ومتن العشماوية في فقه المالكي وحضرهما على حضرة الأستاذ الشيخ محمد عنتر الكبير والد الشيخ محمد عنتر أحد علماء الأزهر، ثم طلبت نفسه الشريفة التوجه الى الأزهر لتحصيل العلوم من معدنها فقدم لمصر في أوائل سنة 1281 واشتغل بالتحصيل مقلدا مذهب أبي حنيفة النعمان، فحضر على مشاهير الأزهر كالشيخ الدرستاوي، والشيخ عبد الغني الملواني، والشيخ عبد الرحمن البحراوي، والشيخ حسن الطويل، والشيخ الدمنهوري، والشيخ المهدي، والشيخ عبد الرحمن الشربيني، والشيخ جمال الدين الافغاني حتى حضر غالب الكتب المعتاد قراءتها بالأزهر من فقه ونحو

الصفحة 47