كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 2)

الرفيعة التي لا ترام، فلقد كان-إلى تبحره في علوم الأزهر-كاتبا قديرا، وشاعرا فحلا. يكتب كما يكتب حمزة فتح اللّه، والسيد توفيق البكري، والشدياق الخ، ويشعر كما يشعر حمزة فتح اللّه، والسيد توفيق البكري، وآل اليازجي، وغيرهم من كبار الكتاب وفحول الشعراء، في مصر والشام والعراق، ويصاول المؤلفين والباحثين في وزارة المعارف وغيرها، وينقدهم، وينال منهم ويوجههم فيتجهون، ويفتي في اللغة والأدب، فينقطع كل قول، ويخفت كل صوت. ذلك بأنه كان مطلعا فقيها لغويا، ذواقة، هاضما لما علم، واثقا مما يقول. . والإيمان بالرأي أقوى أسلحة الشجاع.
وكان من الطبيعي أن ينال السيد حسين والي من الشهرة عند الخاصة والعامة كفاء هذه المواهب المتوافرة، بيد أنه عض من شهرته شمائل، هي في شرفها وعنصرها أنفس جوهرا، وأعز قيمة، وأرفع جمالا من كل شهرة.
وكان السيد حسين والي غاليا في التعصب للقديم، يعتز به، ويحافظ عليه، ويرعاه في دينه، وفي سمته، وفي لغته، وفي كل ما يحيط به، حتى لقد سمي أولاده: أسامة، ولؤي، ونزار، والفرات. يحدوه إلى ذلك نسبه الشريف، ونشأته الأزهري، ووقار ألبسة اللّه منه رداء فضفاضا، ثم نزعة صوفية عميقة ظهرت فيه طول حياته.

الشيخ محمد الفحام
تخرج الأستاذ رحمه اللّه في الأزهر، وبعد نيله شهادة العالمية التحق بخدمة القضاء الشرعي، وتقلب في وظائفه سنين كثيرة عرف فيها بسداد الرأي والحزم، ثم نقل من القضاء إلى الإمامة الخاصة للملك، ثم خرج منها إلى مشيخة معهد الاسكندرية، فكانت له فيها آثار ظاهرة، ونظم مفيدة، وسمعة بين الناس طيبة رشحته إلى تقليد وكالة الجامع الأزهر، وكان قد تملأ خبرة بادارة الاعمال، وبالزمان وأهله، وبقيادة الموظفين، فكان يخوض معهم في الادارة العامة عباب الأعمال المختلفة، ويمضي معهم الساعات الطويلة مناقشة وبحثا وتحقيقا وتثبتا، ويقابل في أثناء ذلك الوافدين

الصفحة 50