كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 2)

العلمية في تفسر آي الذكر الحكيم، وحديث النبي الكريم، عقب صلاة الفجر بالرواق العباسي بالأزهر، وكان جلة العلماء، ومثقفو الطلبة حريصين على تلقي هذه المحاضرات، للارتشاف من منهل الامام الكوثر العذب، يبادرهم اليها، سيادة السيد المجددي، وزير الافغان المفوض بمصر سابقا، وقد كتب بعض المستشرقين؛ عند استماعه هذه المحاضرات، مقالات ممتعة، نشرتها صحف فرنسا بعنوان (سبنسر وباكون، في الأزهر الشريف) الخ.
أما ناحيته العملية، فتتمثل فيما قام به من تأليف الجمعيات الإصلاحية الدينية، التي منها جمعية النهضة الإسلامية لمناهضة المبشرين الذين استشرى فسادهم، وعم ضررهم حتى ضجت البلاد من شرهم، فكانت جمعية موفقة أدت واجبها خير أداء، وانتشرت فروعها في جميع الانحاء، فوقفت هذا التيار الجارف. ومنها الجمعية العظمى لمساعدة منكوبي حرب الأناضول، بمناسبة الحرب التركية اليونانية، وأسندت رئاستها إليه اول مرة، وبمناسبة تأسيسه لها أرسل إليه الخليفة عبد المجيد كتاب شكر وثناء وتقدير. ولم يقتصر نشاط الشيخ على ما تقدم، بل لم يلهه الجهاد العلمي عن الجهاد الوطني، فكانت له مواقفه المشهودة في خدمة أهداف البلاد الوطنية، ومن تلك المواقف احتجاجه لدى العميد الإنجليزي على اعتقال المرحوم الزعيم الخالد سعد زغلول وصحبه المجاهدين المخلصين، اذ قال: «عجبا لسياستكم العتيقة كيف يفوتها أن شدة الضغط تولد الانفجار، وأن تقليم الأشجار لا يزيدها إلا تهيجا ونماء، وأن النفوس الانسانية متى امتلأت بشيء استعذبت الموت في سبيله، ولا تظنوا يا جناب اللورد ان هذه احتجاجات تفوه بها الألسن. وإنما هي قلوب متأججة وأرواح مشتعلة وأعصاب متنبهة، فاعملوا إنا عاملون، ولا ييأس من روح اللّه إلا القوم الكافرون». وقد نشرته الصحف في حينه. ومن مواقفه التي تشهد له بالفخر والاريحية والاقدام والشجاعة، ذلك الكتاب الذي رفعه الى ملك الانجليز طالبا به تخفيف حكم الإعدام الذي صدر على شاب من شباب الأزهر و

الصفحة 54