والعلم والجرأة في الحق، وله مقام عظيم لدى الكبراء والعظماء، وكان المرحوم محمد باشا سلطان يجل الشيخ ويحترمه، حتى ألح عليه في الانتقال من بلدته. والاقامة في «بني أحمد بالمنيا» فاستجاب دعوته.
وتوارث آل سلطان باشا حب أبناء الشيخ وإكبارهم. وفي بلدة بني أحمد.
كان الشيخ عطا، يلقي دروسه لأبناء الأعيان. وقد تتلمذ له ولده الناشىء «عبد الحكيم» حتى إذا كانت سنة 1879 أرسله إلى الأزهر فأخذ عن العلماء الاعلام وابتدأ نجمه يتألق بين طلاب العلم في الأزهر.
وقد حصل على العالمية الممتازة، سنة 1895 ولفت الأنظار عامئذ، إلى كفاءته وذكائه وعلمه، وأشادت بذكره صحافة العهد. ثم اتخذ مكانة بين المدرسين في الأزهر، فعمرت دروسه، وغصت بالمئات من تلاميذه، المعجبين به، الناهلين من علمه. ومكث يدرس في الأزهر قرابة الثلاثين عاما، ورفض غير مرة. أن يلي الوظائف، وصدف عن التنعم في بحبوحة المرتبات. متلذذا بخدمة العلم وتخريج العلماء. حتى عرض عليه أستاذه المرحوم أبو الفضل، بإلحاح، مشيخة القسم الثانوي سنة 1920 فخضع لأمر شيخه، ومن وقتئذ بدأ حياته الادارية، فولي مشيخة القسم الثانوي والقسم العالي، وجمع بينهما في بعض الأوقات.
وفي سنة 1928، في عهد مشيخة الشيخ المراغى الأولى، عين شيخا لمعهد أسيوط، فبقي به سنة. ثم نقل الى معهد الزقازيق عام 1930، وقد أحيل إلى المعاش بعد حين. وكان من العلماء المقدمين، في هيئة كبار العلماء، وهو بحق شيخ الشيوخ بلا مراء لكثرة من أخذ عنه من الأساتذة. .
والشيخ أحمد حميدة شيخ معهد أسيوط اليوم، كان امتحانه في العالمية من ثلاثين عاما امام الشيخ عبد الحكم. ولقد كان في علمه دائرة معارف اسلامية أزهرية، فقد حفظ كتاب اللّه، وفهم دقائقه، واستوعب كتب السنة، وألم بالكتب الأزهرية صغيرها وكبيرها، متونها وشراحها وحواشيها، إلماما عجيبا، كأنه استظهرها عن ظهر قلب. وذلك راجع إلى قوة عقله، وشدة ذكائه وجلده وصبره على البحث والدرس.