كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 2)

الخالدة على صفحات الأهرام في مكافحة البغاء وفي غير ذلك من النواحي الاجتماعية التي يعنى بها أنداده من العلماء المصلحين.
وحين نهضت مصر نهضتها الوطنية الكبرى سنة 1919 كان الفقيد اكرم اللّه مثواه في مقدمة الصفوف، يخطب ويكتب ويحفز الهمم ويشحذ العزائم ويدعو الى الجهاد لاسترداد المغصوب من حقوق البلاد، حتى لقد غدت مواقفه الوطنية في ذلك الحين موضع التنويه والتقدير في كل مكان.
ومن مقالاته الرائعة مقال نشرته الهلال عنوانه «اتهم رجال الدين» جاء فيه:
«اتهم رجال الدين في الماضي القريب، لأنهم قصروا في أداء رسالتهم من تبليغ حكم اللّه للمسلمين في الأحداث التي زحزحت الدين عن مكانه، وعطلت تنفيذه في القضاء والأحكام، وتطبيقه في الحوادث التي تخالف الشريعة وتناقضها.
في سنة 1885 استبدل القانون الفرنسي بالشريعة الحنيفية الغراء التي سار عليها المسلمون أجيالا بعد أجيال في أزهر عصور الاسلام، فلم يحرك علماء ذلك العهد ساكنا، ولم ينكروا ذلك الحدث العظيم في الاسلام، وإذا كانوا قد أنكروا فلم يسجل التاريخ لهم أنهم أوذوا-أو نفوا من الأرض-في سبيل إنكارهم لذلك التبديل والتغيير في شرع اللّه.
ونظم الاحتلال الانجليزي بعد استقراره البغاء، وجعله رسميا، وأصبحت المسلمة في بلاد الاسلام تمتهن حرفة الزنا علنا، تحت حماية الحكومة والقانون، وبين سمعها وبصرها، فلم يحرك رجال الدين ساكنا، ولم يرو التاريخ انهم غضبوا للّه وللحق وللأعراض تستباح وتنتهك، او انهم انكروا تشريع هذا الرجس.
وشاع الربا، واستعملت الحكومة الربح والفائدة رسميا، وسمحت بها للجمهور وتأسست له المصارف الأجنبية والوطنية في طول البلاد وعرضها فلم نسمع ان العلماء أنكروا ذلك الاثم، أو انهم غضبوا لتشريعه وتنظيمه.

الصفحة 71