كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

الحروف "رُبَّمَا، وقَلما، وأشباههما" جعلوا "رُبَّ" مع "مَا" بمنزلة كلمة واحدة ليذكر بعدها الفعلُ، ومثل ذلك "هَلاَّ ولولا وألا, ألزموهن لا" وجعلوا كل واحدة مع "لا" بمنزلة حرف واحد، وأخلصوهن للفعلِ حيثُ دخل فيهن معنى التحضيض، وقد يجوز في الشعر تقديمُ الاسم، قال الشاعر:
صَدَدْتِ فأَطْوَلْتِ الصُّدُودَ وقَلَّما ... وِصَالٌ على طُولِ الصُّدودِ يَدُومُ1
وهذا لفظُ سيبويه2.
__________
1 من شواهد سيبويه 1/ 12 و1/ 459 على وقوع الجملة الاسمية بعد "قلما" ضرورة؛ لأن ما تكف الفعل "قل" ولا يقع بعد "قلما" إلا الجمل الفعلية. ونسبه الأعلم للمرار الفقعسي، ونسبه سيبويه لعمر بن أبي ربيعة وهو في ديوانه/ 494 في قسم الشعر المنسوب إليه. وأطولت: من طال، وكان عليه أن يقول: أطلت, فقد جاء تصحيح الفعل "أطول" شاذًّا قياسًا.
وانظر: المنصف 1/ 191، والمقتضب 1/ 84، وابن يعيش 7/ 116, وشرح السيرافي 4/ 13، والمحتسب 1/ 96، وشرح الرماني 3/ 163، والخصائص 1/ 143، وأمالي ابن الشجري 2/ 139.
2 انظر الكتاب 1/ 459, والتذييل والتكميل 3/ 263.
التاسع: الحروف التي تكون صدور 1 الكلام:
هذه الحروف عاملة كانت أو غير عاملةٍ, فلا يجوز أن يقدم ما بعدها على ما قبلها وذلك نحو ألف الاستفهام, و"ما" التي للنفي، ولامُ الابتداء, لا يجوز أن تقول: "طعامَكَ أَزيد آكلٌ" ولا "طعامَكَ لزيدٌ آكلٌ" وإنَّما أَجزنا: إنَّ زيدًا طعامَك لآكلٌ؛ لأن تقدير اللام أنْ يكون قبل "إنَّ" وقد بينا هذا فيما تقدم, هذه اللام التي تكسر "إنَّ" هي لام الابتداء، وإنما فُرقَ بينهما لأن معناهما في التأكيد واحدٌ, فلما أُزيلت عن المبتدأ وقعت2 على خبره, وهي
__________
1 في "ب" صدر.
2 في "ب" أوقعت.

الصفحة 234