كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

هي، والتقديم فيها أَبعدُ لأن "إنَّ" أشبهُ بالفعل منها، فأما "لا" إذا كانت تلي الأسماء والأفعال، وتصرفت في ذلك ولم تُشبه "بليسَ" فلك التقديم والتأخير؛ تقول: "أَنتَ زيدًا1 لا ضاربٌ ولا مكرمٌ" وما أشبه ذلك, ومن ذلك "إنْ" التي للجزاء لا تكون إلا صدرًا، ولا بُدَّ من شرط2 وجوابٍ، فالجزاء مشبه بالمبتدأ والخبر إذ كان لا يستغني أحدهما عن الآخر ولا يتم الكلام إلا بالجميع3 فلا يجوز أن تقدم ما بعدها على ما قبلها، لا يجوز أن تقول: "زيدًا إنْ تضربْ أَضربْ" بأي الفعلين نصبته فهو غير جائزٍ؛ لأنه إذا لم يجز4 أن يتقدم العاملُ لم يجز أن يتقدم المعمولُ عليه5 وأجاز الكسائي أن تنصبهُ بالفعل الأول6، ولم يجزها أحدٌ من النحويين, وأجاز هو والفراءُ أن يكون منصوبًا بالفعل الثاني. قال الفراء: إنما أَجزتُ أن يكونَ منصوبًا بالفعل الثاني وإنْ كان مجزومًا؛ لأنهُ يصلحُ فيه الرفعُ وأن يكون مقدمًا فإذا قلت: "إنْ زيدًا تضربْ آتِكَ" فليس بينهم خلاف "وتضربْ جَزمٌ" إلا أنهم يختلفون في نصب "زيدٍ"، فأَهل البصرة يضمرونَ فعلًا ينصبُ وبعضهم ينصبه بالذي بعدهُ, وهو قولُ الكوفيينَ وأجازوا: "إنْ تأتني زيدًا أضربْ" إلا أنَّ البصريينَ يقولونَ بجزمِ الفعلِ بعد "زيدٍ" وأبى7 الكوفيونَ جزمَهُ، وكان الكسائي يجيزُ الجزمَ إذا فرق بين الفعلين بصفةٍ, نحو قولك: "إنْ تأتني إليك أَقصدْ"
__________
1 في "ب" زيد، بالرفع.
2 في "ب" شرك، وهو خطأ.
3 في "ب" ولا.
4 في "ب" لم يكن.
5 في "ب" فيه.
6 في الإنصاف/ 327، ذهب الكوفيون إلى أنه يجوز تقديم المفعول بالجزاء على حرف الشرط نحو: زيدًا إن تضرب أضرب، واختلفوا في جواز نصبه بالشرط، فأجازه الكسائي ولم يجزه الفراء.
7 في الأصل: "وأبا".

الصفحة 236