كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

"في بيتهِ يؤتى الحكمُ"، جازَ1؛ لأن التقدير "يؤتى الحكمُ في بيتهِ"، فالذي قامَ مقامَ الفاعلِ ظاهرٌ وهو "الحكمُ" ولم تقدم ضميرًا على ظاهرٍ2 مرتبتُه أنْ يكون قبل الظاهر، فإن قلت: "في بيتِ الحكمِ يؤتى الحكمُ" جاز أن تقول: "يؤتى" وتضمر استغناءً عن إظهاره إذ كان قد ذكره كما تقول إذا ذكر إنسانٌ زيدًا: قامَ وفعلَ، وكذلك إذا ذكر اثنين قلت: "قاماَ وفَعلا" فتضمر اسم من لم تذكر استغناءً بأنَّ ذاكرًا قد ذكره, فإنْ لم تقدره هذا التقدير لم يجز, فإن قدمت فقلت: "يؤتيانِ في بيتِ الحكمينِ" تريد: "في بيتِ الحكمينِ يؤتيانِ" لم يجز, ومن هذا: زيدًا أبوهُ ضَربَ, أو يضربُ، أو ضاربٌ، فحقهُ3 أن تقول: "زيدًا أبو زيدٍ ضَرَبَ" واختلفوا في قولهم: "ما أَرادَ أَخَذ زيدٌ" فأجازهُ البصريون, ورفعوا زيدًا "بأَخذَ" وفي "أَرادَ" ذكرٌ من زيدٍ، وأبى4 ذلك الكوفيون ففرقوا5 بينهُ وبين "غلامَهُ ضَربَ زيدٌ" بأن الهاءَ من نفس الاسم بمنزلة التنوين فصار بمنزلة: غلامًا ضَربَ زيدٌ, ويقولُ قومٌ من النحويين: إذا كان المخفوض ليس في نية نصب فلا يقدم مكنيهُ تقول: "في داره ضربتُ زيدًا" ولا يجوز عندهم: "في داره قيامُ زيدٍ" وهذا الذي لم يجيزوهُ هو كما قالوا مِنْ قبل: إني إذا قلت: "قيامُ زيدٍ" فقيام مبتدأ، ويجوز أن يسقط "زيدٌ" فيتم الاسم, فهو بمنزلة ما ليس في الكلام لأنَّهُ من حشو الاسم وليسَ بالاسم، وإنما أجزت: "قيام زيدٍ في دارهِ"، استغناءً بذكرِ "زيدٍ" ولو قلت: قيام زيدٍ في دارٍ, تمَّ الكلام ولم يُضطر فيه إلى إضمار، فإذا جاءَ الضمير والكلام غير مضطر إليه كان بمنزلة ما لم يذكر، فإذا كان الضمير مؤخرًا بهذه الصفة فهو في التقديم أَبعدُ. واختلفوا في قولهم: "لبستُ مِنَ الثياب أَلينَها" فمنهم من يجيزها كما يجيز: درهَمهُ أَعطيتُ زيدًا، ومن أَباهُ قال:
__________
1 جاز، ساقط من "ب".
2 الحكم، ولم تقدم ضميرًا على ظاهر، ساقط في "ب".
3 في "ب" حقه، بإسقاط الفاء.
4 في الأصل: "وأبا".
5 في "ب" وفرقوا.

الصفحة 239