كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

إيَّاكَ إيَّاكَ المِرَاءَ فإنَّهُ ... إلى الشَّرِّ دعاءٌ ولِلخَيْرِ زَاجِرُ1
كأنهُ قال: "إياكَ" ثم أضمر بعد "إياك" فعلًا آخر, فقال: اتقِ المراءَ2.
وقال الخليل: لو أنَّ رجلًا قالَ: إياكَ نفسَكَ لم أُعنفْهُ3، يريدُ أن "الكافَ" اسمٌ وموضعها خفضٌ، قال سيبويه: وحدثني منْ لا أتهم4 عن الخليلِ أنهُ سمعَ أعرابيا يقول: "إذا بلغَ الستينَ فإيَّاهُ وإيا الشواب5" ومن ذلك: "ما شأنُكَ وزيدًا" كأنهُ قال: "وما شأنكَ وملابسَة زيدًا"، وإنما فعلوا ذلك فرارًا من العطف على المضمر المخفوض وحكوا: ما أنتَ وزيدًا، وما شأنُ عبد الله وزيدًا كأنه قال ما كان7. فأما: ويلَهُ وأَخاهُ فانتصب بالفعل الذي نصبَ ويلَهُ, كأنَّكَ قلت: ألزمهُ الله ويلَهُ. وإن قلت: ويلٌ لَهُ وأَخاهُ نصبت؛ لأنَّ فيه ذلك المعنى، ومن ذلك: سقيًا ورعيًا وخيبةً ودفرًا
__________
1 من شواهد سيبويه 1/ 141، على نصب "المراء" بعد إياك مع إسقاط حرف العطف ضرورة، والمعروف في الكلام: إياك والمراء، ورواية سيبويه:
إلى الشر دعاء وللشر جالب.
وكذلك رواية المبرد في المقتضب, والمراء: مصدر ماريته مماراة، ومراء، أي: جادلته، ويقال: ماريته أيضًا إذا طعنت في قوله تزييفًا للقول وتصغيرًا للقائل، ولا يكون المراء اعتراضًا بخلاف الجدال، فإنه يكون ابتداء واعتراضًا.
والبيت ينسب للفضل بن عبد الرحمن القريشي, يقوله لابنه القاسم بن الفضل.
وانظر: المقتضب 3/ 213, والخصائص 3/ 112, والمعجم للمرزباني 310، وابن يعيش 2/ 25, والعيني 4/ 113, والخزانة 1/ 465.
2 انظر الكتاب 1/ 141.
3 قال سيبويه 1/ 141: قال الخليل: لو أن رجلًا قال: إياك نفسك، لم أعنفه؛ لأن هذه الكاف مجرورة.
4 لعله يعني أبا زيد الأنصاري.
5 انظر الكتاب 1/ 141, والشواب جمع شابة.
6 قال سيبويه 1/ 141: "قالوا: ما شأنك وزيدًا" أي: ما شأنك وتناولك زيدًا.
7 يريد: ما كان شأن عبد الله وزيدًا.

الصفحة 251