كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

الثاني: الفِعْلُ: ولا يجوز عندنا أن يُلغى فعلٌ ينفذ منك إلى غيركَ ولكن الملغى نحو: "كانَ" في قولك: "ما كانَ أحسنَ زيدًا" الكلامُ: ما أحسنَ زيدًا و"كانَ" إنما جِيءَ بها لتبين أنَّ ذلك [كان] 1 فيما مضى.
الثالث: الحرفُ: وذلك نحو: ما في قوله عز وجل2: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ} 3 لو كان "لِمَا" موضع من الإِعراب ما عملت الباء في "نقضِهم"، وإنما جِيءَ بها زائدةً للتأكيد، ومن ذلك "إنْ" الخفيفة تدخل مع "ما" للنفي4 في نحو قوله: وما إنْ طُبنا جُبن5, وكذلك "إنْ" في قولك: "لما إنْ جَاء قمتُ إليه"6 المعنى: "لَما جاءَ قمتَ" وكذلك "مَا" إذا كانت كافةً فلا موضع لها من الإِعراب في نحو قولك: "إنَّما زيدٌ منطلقٌ" كفت "مَا" "إنْ" عن الإِعراب [كما منعت إنْ "مَا" مِنَ الإِعراب] 7 وكذلك "رُبَّما" تقول: "رُبَّما يقومُ زيدٌ" لولا "ما" لما8 جاز أن يلي "رُبَّ" فِعلٌ, ومن ذلك "بعدَما"9، قال الشاعر:
أَعلاقَة أُمَّ الوُلَيِّدِ بَعْدَمَا ... أَفنانُ رأسِكَ كالشِّهَابِ المُخْلِس10
__________
1 زيادة من "ب".
2 "عز وجل" ساقط من "ب".
3 النساء: 155.
4 في "ب" من، بدلًا من "في".
5 مر شرحه في الجزء الأول، ص/ 286.
6 "إليه" ساقط في "ب".
7 زيادة من "ب".
8 في الأصل "ما" وإضافة اللام من "ب".
9 حذفت جملة "زيد منطلق" إذ إنها دخيلة هنا.
10 من شواهد سيبويه 1/ 283، على زيادة "ما" وجعلها كافة "لبعد" عن الإضافة، ويروى الشاهد: كالثغام المخلس.
والعلاقة: الحب, والأفنان: جمع فنن، وهو الغصن، وأراد بها ذوائب الشعر على سبيل الاستعارة, والشهاب معروف, والثغام على روايته به جمع ثغامة، وهي خيوط طوال دقاق من أصل واحد، إذا جفت ابيضت كلها, المخلس: ما اختلط فيه البياض بالسواد، وصغر الوليد ليدل على شباب المرأة, والبيت للمرار الفقعسي.
وانظر: المقتضب 2/ 54، والكامل/ 194، وابن الشجري 2/ 242, والمغني 2/ 10, وإصلاح المنطق/ 45, والجمهرة 2/ 220، وشرح السيرافي 1/ 450.

الصفحة 258