كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

قولك1: "حسبُكَ بِه" كلامٌ صحيحٌ كما تقول: كفايتُك بهِ وفيه معنى الأمر2 أو التعجب وقولهم: {كَفَى بِاللَّهِ} 3 قال سيبويه: إنما هو "كفى الله" والباء زائدة4، والقياس يوجب أنْ يكون التأويل: "كفى كفايتي بالله" فحذفَ المصدر5 لدلالة الفعل عليه، وهذا في العربية موجود6.
الرابع: الجملةُ: وذلك نحو قولك: "زيدٌ ظننتُ منطلقٌ" بنيتَ "منطلقًا" على "زيد" ولم تعمل "ظننتُ" وألغيته وصار المعنى: زيدٌ منطلقٌ في ظني, فإنْ قدمت "ظننتُ" قَبُحَ الإِلغاء. ومن هذا الباب الاعتراضات, وذلك نحو قولك: زيدٌ -أشهدُ بالله- منطلقٌ, وإنَّ زيدًا -فافهمْ ما أقولُ- رجلُ صدْقٍ, وإنَّ عمرًا -والله- ظالمٌ, وإنَّ زيدًا -هو المسكينُ- مرجومٌ، وعلى ذلك يتأول قوله عز وجل7: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا، أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} 8، فـ {أُولَئِكَ} هو الخبر و {إنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} "اعتراض" ومنه قول الشاعر:
إنِّي لأَمنَحُكَ الصُّدُودَ وإنَّني ... -قسمًا- إلَيكَ معَ الصُّدودِ لأَميَلُ9
__________
1 في "ب" قولهم.
2 في "ب" والتعجب.
3 العنكبوت: 52.
4 انظر الكتاب 1/ 19.
5 في "ب" المضاف.
6 في "ب" موجود في العربية.
7 كلمتا "عز وجل" ساقطتان في "ب".
8 الكهف: 30.
9 من شواهد سيبويه 1/ 190، على نصب "قسمًا" على المصدر المؤكد لما قبله، وابن السراج جعله توكيدًا على جهة الاعتراض. والبيت للأحوص يمدح به عمر بن عبد العزيز.
وانظر الأغاني 18/ 195، والعقد الفريد 4/ 363, وابن يعيش 1/ 116, ومهذب الأغاني 3/ 187، وشرح الرماني 3/ 163, والخزانة 1/ 247 و4/ 15.

الصفحة 260