كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

لأن القسمَ إنما يدخلُ على ما يؤكد إذا خِيفَ ضَعفُ علم المخاطب بما يقسم عليه، والصفة إنما يراعى فيها من الكلام مقدار البيان, وبابها: أن يكون خبرًا خالصًا لا يخلطه معنى قسم ولا غيره، فإن وصل به فهو عندي جائز؛ لأن التأكيد لا يبعده من أن يكون خبرًا, وأما إنَّ وأخواتها فحكم "إنَّ" من بين أخواتها، حكم الفعل المقسم عليه إن لم تذكرها في الصلة, فالكلام غير محتاج إليها وإن ذكرتها جاز, فقلت: "الذي إنَّ أباهُ منطلقٌ أخوكَ" وفي "إنَّ" ما ليس في الفعل المقسم عليه؛ لأن خبر "إنَّ" قد يكون حاضرًا وهو بابها, وفعلُ القسمِ ليس كذلك إنما يكون ماضيًا أو مستقبلًا فحكمه حكم الفعلِ1 الماضي والمستقبل إذا وصف به، و"ليت ولعلَّ" لا يجوز أن يوصلَ بهما؛ لأنهما غيرُ أخبارٍ ولا يجوز أن يقال فيهما صدقٌ ولا كذبٌ، و"لكنَّ" لا يجوز أن يوصل بها ولا يوصفُ لأنها لا تكون إلا بعد كلام. وأما "كأَنَّ" فجائزٌ أن يوصل بها ويوصفُ بها وهي أحسنُ من "إنَّ" من أجل كافِ التشبيه، تقول: "الذي كأنَّهُ الأسدُ أَخوكَ, ومررت بالذي2 كأنَّهُ الأسدُ" لأنه في معنى قولك: مثلُ الأسَدِ [واعْلَم أنَّهُ لا يجوز أن تقدم الصلة على الموصولِ، ولا تفرق بين الصلة والموصول بالخبر، ولا بتوابع الموصول بعد تمامه كالصفة والبدلِ، وما أشبه ذلك] 3.
__________
1 الفعل، ساقط في "ب".
2 في "ب" برجل، ولا معنى لها.
3 زيادة من "ب".
ذكر الإِخبار عن الذي:
اعلم: أنَّ "الذي" إذا تمت بصلتها كان حكمها حكم سائر الأسماء التامة فجاز أن تقع فاعلةً ومفعولةً ومجرورةً ومبتدأةً وخبرًا لمبتدأ، فتقول: "قامَ الذي في الدارِ, ورأيت الذي في الدار، ومررتُ بالذي في الدار، وزيدٌ الذي في الدار" فيكون خبرًا1، والذي في الدار زيدٌ، فتكون
__________
1 فيكون خبرًا، ساقط في "ب".

الصفحة 269