كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

لقلت: اليومانِ المسيرهما بزيدٍ الفرسخانِ, ويبينُ لكَ اسمُ الفاعلِ والمفعول إذا جرى على غير من هو لهُ في هذه المسألة تقول: الفرسخان اليومانِ مسيرهما بزيدٍ "هما" فتجعل الأولى مفعولا والثانيةَ تقومُ مقامَ الفاعلِ؛ لأن1 قولك: مسيرهما هُما الفرسخانِ, فإذا جعلت "مسيرهما" خبرًا عن اليومين فقد أجريتهما على غير من هُما لهُ فلم يحتمل الاسم إذ جرى على غير نفسه أن يكون فيه ضميرٌ مرفوع, ولو قلت: "الفرسخان اليومانِ سيراهما بزيدٍ" جازَ والألف للفرسخينِ ألا ترى أنك تقول: "زيدٌ ضاربُه أَنا" ولو قلت: "زيدٌ اضربْهُ" لم تحتجْ إلى "أنا" لأن الفعل مما يضمر فيه, وإن جرى على غير صاحبه.
__________
1 في "ب" لقولك.
التاسع: الإِخبار عن المصدر:
اعلَم: أن المصدر إذا كان منصوبًا وجاء للتوكيد في الكلام فقط ولم يكن معرفة ولا موصوفًا1، فالإِخبار عنه قبيحٌ؛ لأنهُ بمنزلة ما ليس في الكلام, ألا ترى أنكَ إذا قلت: "ضربتُ ضربًا" فليس في "ضربًا" فائدةٌ لم تكن في "ضربتُ" وإنما تجيء تأكيدًا, فإذا قلت: ضربتُ ضربًا شديدًا أو الضرب الذي تعلمُ فقد أفادكَ ذلك أمرًا لم يكن في "ضربتُ" فهذا الذي يحسنُ الإِخبار عنه, فإن أردتَ الإِخبار عن ذلك قلت: "الذي ضربتُ ضربٌ شديدٌ" تريد: "الذي ضربتهُ ضربٌ شديدٌ" وإن قلت: "سِيرَ بزيدٍ سيرٌ شديدٌ" قلت: "الذي سِيرَ بزيدٍ سيرٌ شديدٌ" والذي يجوز أن تخبر عنه من المصادر ما جاز أن يقومَ مقامَ الفاعل كما كانَ ذلك في الظروف, قال الله تبارك وتعالى2: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} 3. وذكر المازني أن الإخبار عن النكرة يجوزُ من هذا الباب, وأن الأحسن أن يكون معرفةً أو
__________
1 في "ب" موصولًا.
2 في "ب" عز وجل.
3 الحاقة: 13، وانظر المقتضب 3/ 104.

الصفحة 297