كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

تريد: أكرمته، وعطفت على الهاء والأحسن عندي أن تظهر الهاء إذا عطفت عليها، وتقول: "الذي محسنًا ظننتُ أخوكَ" تريد: ظننتهُ, ومحسنًا مفعول ثان, فإذا قلت: "الذي محسنًا ظننتُ وعبد الله أخوك" قلت: محسنينِ؛ لأنك تريد: الذي ظننتهُ وعبد الله محسنينِ. وأجاز الفراء: "ما خلا أخاهُ سارَ الناسُ عبد اللهِ" تريد: الذي سارَ الناسُ ما خلا أخاهُ عبد الله, ويقول: الذي قيامًا ليقومن عبد الله، تريد: "الذي ليقومن قيامًا عبد الله" وكذلك: "الذي عبد الله ليضربن محمدٌ". ورد بعض أهل النحو "الذي ليقومن1 زيدٌ" فيما حكى الفراء, وقال: فاحتججنا عليه بقوله: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} 2 وإذا قلت: "الذي ظنَّكَ زيدًا منطلقًا عبد الله" فهو خطأ؛ لأنه لم يعد على الذي ذكره, وإذا قلت: "الذي ظنكَ زيدًا إياهُ عبد الله" فهو خطأ أيضًا؛ لأنه لا خبر3 للظن وهو مبتدأ, فإن قلت: "الذي ظنكَ زيدًا إياهُ صواب عبد الله" جاز لأن الذكر قد عاد على "الذي" وقد جاء الظن بخبر, ولا يجوز أن تقول: "الذي مررتُ زيدٌ" تريد: "مررت به زيدٌ" كما بينت فيما تقدم. ويجوز: "الذي مررت مَمر حسنٌ" لأن كل فعل يتعدى إلى مصدره بغير حرف جر و"الذي" هنا هي المصدر في المعنى ولك أن تقول: "الذي مررتهُ ممر حسنٌ" وقال الفراء: لا إضمار هنا لأنه مصدر, كأنك قلت: "ممركَ مَمر حَسنٌ" واحتج بقول الله عز وجل: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} 4 وقال: لا إضمار هنا لأنه في مذهب المصدر, وكذاك: {مَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى} 5 لم يعد على "ما" ذكر؛ لأنه في مذهب المصدر، قال أبو بكر: أما قوله في "ما" ففيها خلاف من النحويين, من يقول: إنها وما بعدها قد يكونان بمعنى المصدر6،
__________
1 انظر معاني القرآن 1/ 276.
2 النساء: 72.
3 في الأصل "لا خير" بالياء.
4 الحجر: 94, وانظر معاني القرآن 2/ 93.
5 الليل: 3.
6 انظر: المقتضب 3/ 197.

الصفحة 340