كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

مخصوصة بما يعقل1 ولا تقع موقع الصفة, و"ما" مخصوصة بغير ما يعقل2 ولا يوصف بها. وقال الفراء: مَنْ نعت "مَنْ وما" على القياس لم نردد عليه ونخبره أنه ليس من كلام العرب، قال: وإنما جاز في القياس؛ لأنه إذا ادعى أنه معرفة لزمه أن ينعته, قال: وأما "ما ومن" فتؤكدان يقال: نظرتُ إلى ما عندكَ نفسه ومررت بمَن عندكَ نفسِه, قال أبو بكر: والتأكيد عندي جائزٌ كَما قال, وأما وصفهما فلا يجوز؛ لأن الصلة توضحهما وقد بينت الفرق بينهما وبين "الذي" وقد يؤكد ما لا يوصف نحو المكنيات, وأما "أنْ" إذا وصلتها فلا يجوز وصفها؛ لأنها حرف والقصد أن يوصف الشيء الموصول وإنما الصلة بمنزلة بعض حروف الاسم, وإنما تذكر "أن" إذا أردت أن تعلم المخاطب أن المصدر وقع من فاعله فيما مضى, أو فيما يأتي إذا كان المصدر لا دليل فيه على زمانٍ بعينه, فإذا احتجت إلى أن تصف المصدر تركته على لفظه ولم تقله إلى "أنْ" وتقول: "مَنْ أحمرُ أخوكَ" تريد: منْ هو أحمرُ أخوكَ, مَنْ حمراءُ جاريتُكَ, تريد: مَنْ هي حمراءُ جاريتُكَ, وليس لك أن تقول: "منْ أَحمر جاريتُكَ" فتذكر أحمر للفظ "مَنْ" لأن أحمر ليس بفعل تدخل التاء في تأنيثه ولا هو أيضًا باسم فاعل يجري مجرى الفعل في تذكيره وتأنيثه, لا يجوز أن تقول: "مَنْ أحمر جاريتُكَ"3 ويجوز أن تقول: منْ محسنٌ جاريتُكَ؛ لأنك تقول: محسنٌ ومحسنةٌ, كما تقول: ضَربَ وضربتُ،
__________
1 قال سيبويه 2/ 309: "من" هي للمسألة عن الأناسي ويكون بها الجزاء للأناسي وتكون بمنزلة الذي للأناسي. وانظر المقتضب 2/ 50 و3/ 63 و4/ 217.
2 في الكتاب 2/ 309 "ما" مثل "من" إلا أنها مبهمة تقع على كل شيء، أي لغير ذوي العقول. وانظر المقتضب 2/ 296.
3 يذهب ابن السراج هنا إلى منع الجمع بين الجملتين, وذلك إذا كان هذا الجمع بين الجملتين من الصفات المفصول بين مذكرها ومؤنثها بالتاء.
فإن كان من غيرها وكانت صفة المذكر والمؤنث ترجع إلى مادة واحدة وأدى الحمل إلى جعل صفة المذكر للمؤنث، وصفة المؤنث للمذكر لم يجزه الكسائي. وأجاز الفراء: من كانت حمراء جاريتك على معنى "من" كان حمراء جاريتك، الاسم على اللفظ والخبر على المعنى. انظر الارتشاف/ 140.

الصفحة 342