كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

"جاريةُ منْ تضربْ نضربْ" تنصبهما بالفعل الثاني إذا جعلت "مَنْ" بمعنى "الذي" كأنك قلت: "جارية الذي تضربه تضربُ" فإن جعلت "من" للجزاء قلت: "جاريةُ مَنْ تضربْ نضربْ" تجزم الفعلين, وتنصب الجارية بالفعل الأول؛ لأن الثاني جواب فإن جعلت "من" استفهامًا قلت: "جاريةُ من تضربْ" جزمت "أضرب" لأنه جواب, كما تقول: "أتضربُ زيدًا أضربْ" أي: إنْ تفعل ذاك أفعل, وتقول: جارية من تضربها نضربْ, ترفع الجارية بالابتداء وشغلت الفعل بالهاء و"من" وحدها اسم؛ لأنه استفهام والكلام مستغن في الاستفهام والجزاء لا يحتاج "من" فيهما إلى صلة, فإن جئت بالجواب بعد ذلك جزمت على الجزاء, وإن أدخلت في الجواب الفاء نصبت, وتقول: على منْ أنتَ نازل؟ إذا كنت مستفهمًا توصل نازلًا "بعلى" إلى "من" فإن جعلت "من" بمعنى الذي في هذه المسألة لم يكن كلامًا؛ لأن الذي تحتاج إلى أن يوصل بكلام تام يكون فيه ما يرجع إليها، فإن1 كانت مبتدأ احتاجت إلى خبر, وإن لم تكن كذلك فلا بدّ من عامل يعمل فيها, فلو قلت: على من أنت نازلٌ عليه, لم يجز لأنك لم توصل بعلى إلى "من" شيئًا, فإن قلت: "نزلتُ على من أنتَ عليه2 نازلٌ" جاز, وتقول: أبا مَنْ تكنى؟ وأبا من أنتَ مكنى؟ "فمنْ" في هذا استفهام, ولا يجوز أن تكون فيه بمعنى "الذي" أضمرت3 الاسم الذي يقوم مقام الفاعل في مكنى، وتكنى ونصبت أبا منْ؛ لأنه مفعول به متقدم, وإنما نصبته "بتكنى" وهو لا يجوز أن يستقدم عليه؛ لأنه استفهام, فالاستفهام صدر أبدًا مبتدأ كان أو مبنيًّا على فعل والفعل الذي بعده يعمل فيه إذا كان مفعولًا, ولا يجوز تقديم الفعل على الاستفهام, وكلما أضفته إلى الأسماء التي يستفهم بها فحكمها حكم الاستفهام, لا تكون إلا صدرًا, ولا يجوز أن يقدم على حرف الاستفهام
__________
1 في "ب" وإن.
2 في "ب" نازل عليه.
3 أضمرت، ساقط من "ب".

الصفحة 345