كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

شيء مما يستفهم عنه من الكلام, وتقول: أبو مَنْ أنتَ مكنى به؟ رفعت الأول لأنك شغلت الفعل بقولك: "به" كأنك قلت: أأبو زيد أنتَ مكنى به1، ولو قلت: بأبي من تكنى به، كان خطأ لأنك إنما توصل الفعل بياء واحدة, ألا ترى أنك تقول: "بعبد الله مررتُ" ولا يجوز: "بعبد الله مررتُ به" ولو جعلت "من" في هذه المسألة بمعنى "الذي" لم يجز حتى تزيد فيها فتقول: "أبو منْ أنت مكنى به زيد؟ " ألا ترى أنك تقول: من قام؟ فيكون كلامًا تاما في الاستفهام, فإن جعلت "من" بمعنى "الذي" صار "قام" صلة واحتاجت إلى الخبر, فلا بدّ أن تقول: "من قام زيد" وما أشبهه وتقول: "إنَّ بالذي به جراحات أخيكَ زيد عيبين" فقولك: "عيبين" اسم "إنَّ" وجعلت الهاء2 بدلًا من الذي ثم جعلت زيدًا بدلًا من الأخ, وتقول: إن الذي به جراحات كثيرة أخاك زيدا به عيبان, تجعل الأخ بدلًا من "الذي" وزيدًا بدلًا من الأخ, وبه عيبين خبر إنّ. وتقول: "إنّ الذي في الدار جالسًا زيدٌ" تريد: إنّ الذي هو في الدار جالسًا زيد, وإن شئت لم تضمر وأعملت الاستقرار في الحال, ألا ترى أن "الذي" يتم بالظرف كما يتم بالجمل, وإن شئت قلت: "إنّ الذي في الدار جالس زيد" تريد: "الذي هو في الدار جالس" فتجعل جالسًا خبر هو, وتقول: "إنّ الذي فيكَ راغب زيد" لا يكون في "راغب" إلا الرفع لأنه لا يجوز أن تقول: "إن الذي فيك زيدٌ" وتقول: "إن اللذين بك كفيلان أخويك زيد وعمرو" تريد: "إنّ" أخويك3 اللذين هما بك كفيلان زيد وعمرو، فزيد وعمرو خبر "إنّ" ولا يجوز أن تنصب كفيلين؛ لأن بك لا تتم بها صلة "الذي" في هذا المعنى, وقال الأخفش: تقول: "إنّ الذي به كفيل أخواك زيد" لأنها صفة مقدمة, قال: وإن شئت قلت: "كفيلًا" في قول من قال: أكلوني البراغيثُ4. قال أبو بكر: معنى قوله: صفة مقدمة
__________
1 انظر الكتاب 1/ 121.
2 في "ب" ساقط ما يعادل ثلاثة أسطر.
3 أخويك، ساقط في "ب".
4 أي: من يجعل الواو في "أكلوني" علامة للجمع وليست فاعلًا.

الصفحة 346