كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

"أخواكَ الذي يقومُ مع زيدٍ" قال: ولا أقولُ: "الذي يختصمُ مع زيدٍ أخواكَ" لأن الاختصام لا يتم, والطوال1 وهشام يجيزانه مع الناقص وفي التقديم والتأخير, ويجعلون "مع" بمنزلة الواو, والفراء لم يكن يجيزه إلا وهو جزاء, وإذا قلت: "الذي يختصمُ وزيدٌ أخواكَ" فزيد لا يجوز أن ينسق به إلا على ما في الاختصام؛ لأنه لا يستغني عن اسمين, ويقول: "اللذانِ اختصما كلاهما أخواكَ" فاللذان ابتداء, واختصما صلة لهما, و"كلاهما" ابتداء ثانٍ, وأخواك خبره, وهذه الجملة خبر اللذين فإن جعلت "كلاهما" تأكيدًا لما في اختصما, لم يجز لأن الاختصام لا يكون إلا من اثنين فلا معنى للتأكيد هنا, فإن قلت: اللذان اختصما كلاهما أخوان, لم يجز على تأويل, وجاز على تأويل آخر إن أردت بقولك: "أخوان" أن كل واحد منهما أخ لصاحبه, لم يجز لأن "كلاهما" لا معنى لها ها2 هنا, وصار مثل "اختصما" الذي لا يكون إلا من اثنين؛ لأن الأخوين كل واحد منهما أخ لصاحبه, مثل المتخاصمين والمتجالسين, فإن أردت بأخوين أنهما أخوان لا نسيبان جاز؛ لأنه قد يجوز أن يكون أحدهما أخًا لزيد ولا يكون الآخر أخًا لزيد, فإذا كان أحدهما أخًا لصاحبه فلا بدّ من أن يكون الآخر أخًا له فلا معنى "لكلا" ههنا, وتقول: "الذي يطيرُ الذبابُ فيغضبُ زيدٌ" فالراجع إلى "الذي" ضميره في "يغضبُ" والمعنى: الذي إذا طار الذباب غضب زيد, ولا يجوز: "الذي يطير الذبابُ" فالذي يغضبُ زيدٌ؛ لأن الذي الأولى ليس في صلتها ما يرجع إليها, وقوم يجيزون: الطائر الذباب "فالغاضبُ زيدٌ" لأن الألف واللام الثانية ملغاة عندهم, فكأنهم قالوا: "الطائرُ الذبابُ" فغاضبٌ زيدٌ وهذا لا يجوز عندنا على ما قدمنا في الأصول أعني: إلغاء الألف واللام.
__________
1 الطوال: محمد بن أحمد أبو عبد الله من أهل الكوفة، صاحب الفراء، كان حاذقًا بإلقاء المسائل العربية، ولم يشتهر له تصنيف، مات سنة 243هـ، ترجمته في تاريخ بغداد 9/ 365-366، والفهرست 68, وطبقات الزبيدي 96, وإنباه الرواة 2/ 92، ومعجم الأدباء 2/ 116-117، وطبقات القراء 1/ 338.
2 زيادة من "ب".

الصفحة 357