كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

وكذلك: يغزو لو كانت في قافية كنت حاذفًا الواو إن شئت، وهذه اللامات لا تحذف في الكلام وتحذف في القوافي والفواصل, فتقرأ: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} 1 إذا وقفت وأما يخشى ويرضى ونحوهما مما لامه ألف فإنه لا يحذف منهنَّ الألف لأنَّ هذه الألف لما كانت تثبتُ في الكلام جُعلت بمنزلة ألف النصب التي في الوقف بدلًا من التنوين فلم تحذف هذه الألف كما لم يجز حذف ألف النصب, ألا ترى أنه لا يجوز لك أن تقول: لم يعلمْ لنا الناسُ مصرع2، فتحذف الألف, قال رؤبة:
دايَنتُ أروى والدُّيونُ تُقضَى ... فَمَطَلتْ بعضًا وأَدَّتْ بَعْضَا3
فكما لا تحذف ألف "بعضا" لا تحذف ألف "تقضى". وزعم الخليل أن واو يغزو, وياء "يقضي" إذا كانت واحدة منهما حرف الروي ثم تحذف لأنها ليست بوصل حينئذ وهي حرف روي كما أن القاف في "وقاتم الأعماق خاوي4 المخترق"5 حرف رويٍّ، فكما لا تحذف القاف لا تحذف
__________
1 الفجر: 4. يريد في الآية: "والليلِ إذا يَسْري" بالياء.
2 يشير إلى قول يزيد بن الطثرية الذي مر "صفحة 408".
3 رجز من شواهد سيبويه 2/ 300 على إثبات الألف في "تقضى" كما تثبت ألف "بعضا" لأنها عوض من التنوين في حال النصب.
وينسب هذا الرجز إلى رؤبة بن العجاج, داينت فلانًا: إذا أقرضته وأقرضك، وداينت فلانًا: إذا عاملته فأعطيته دينًا وأخذت بدين.
وانظر شرح السيرافي 5/ 484, والخصائص 2/ 96, والحجة 1/ 58, والجمهرة 1/ 18, والخزانة 4/ 334, وديوان رؤبة 79.
4 في الأصل "خاوٍ".
5 من شواهد الكتاب 2/ 30 على ما يلزم من إثبات الياء والواو إذا كانتا قافيتين لما يلزم إثبات القاف في "المخترقن" لأنها حرف الروي.
والرجز لرؤبة بن العجاج، وبعده: مشتبه الأعلام لماع الخفق ... والقاتم: المغبر, والقتام: الغبار، والأعماق: النواحي القاصية، وعمق الشيء قعره ومنتهاه. والخاوي: الذي لا شيء به، والمخترق المتسع، يعني: جوف الفلاة.
وانظر: المنصف 2/ 3, والمحتسب 1/ 86, وشرح السيرافي 5/ 494, والتهذيب 1/ 290, والجمهرة 2/ 236, والحماسة 582.

الصفحة 389