كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

وكم دُونَ بيتِكَ منْ صَفْصَفٍ ... ودَكْدَاكِ رمْلٍ وأعقادِهَا1
ووَضْعِ سِقاءٍ وأحْقابِهِ ... وحَلِّ حُلوسٍ وأغْمادِهَا
فجميع هذا حجة: لرب رجل وأخيه، وهذا المضافُ إلى الضمير لا يكون وحده منفردًا نكرة, ولا يقع في موضع لا يكون فيه إلا نكرة حتى يكون أول ما يشغل به "رُبَّ" نكرة ثم يعطف عليه ما أضيف إلى النكرة، وتقول: هذا رجلٌ معهُ رجل قائمينِ, فهذا ينتصب؛ لأن الهاء التي في معهُ [معرفةٌ] 2 وانتصابه عندي بفعلٍ مضمر، ولا يجوز نصبه على الحال لاختلاف العاملين؛ لأنه لا يجوز أن يعمل في شيء عاملان, وتقول: "فوق الدار رجل وقد جئتُكَ برجلٍ آخر عاقلينِ مسلمينِ" فتنصب بفعل آخر مضمر وتقول: "اصنع ما سرَّ أخاكَ وما أحب أبوك الرجلانِ الصالحانِ" فترفع على الابتداء، وتنصب على المدح, كقول الخرنق:
لا يَبْعَدَنْ قَوْمي الَّذِينَ هُمُ ... سَمُّ العُدَاةِ وآفَةُ الجُزْرِ
النَّازِلِينَ بكُلِّ مُعْتَرَكٍ ... والطَّيِّبُونَ مَعاقِدَ الأُزْرِ3
__________
1 من شواهد سيبويه أيضًا 1/ 245 على إضافة: أعقادها وأحقابه وأغمادها وحملها كلها وهي مضافة إلى الضمائر على الأسماء المجرورة "بمن" وهي أسماء منكورة لوقوعها موقع المنصوب على التمييز.
وصف بعد المسافة بينه وبين الممدوح الذي قصده ليستوجب بذلك جائزته.
والصفصف: المستوي من الأرض الذي لا ينبت، يريد: الفلاة، والدكداك: الرمل المستوي. والأعقاد: جمع عقد، وهو المنعقد من الرمل المتراكم. ووضع السقاء: حطه على الراحلة. وأغمادها: شدها تحت الرحل.
2 أضفت كلمة "معرفة" لتوضيح المعنى.
3 من شواهد سيبويه 1/ 104 و1/ 146 على قطع النازلين والطيبين من الموصوف وحملهما على إضمار الفعل والمبتدأ، لما قصد بهما من معنى المدح دون الوصف.
والعداة: الأعداء، جمع عاد، والجزر: جمع الجزور، وهي الناقة التي تنحر وسكنت زاي الجزر للتخفيف.
وصفت قومها بالظهور على العدو نحر الجزور للأضياف والملازمة للحرب والعفة عن الفواحش، فجعلت قومها سمًّا لأعدائهم يقضي عليهم، وآفة للجزر لكثرة ما ينحرون منها.
وانظر الكامل/ 454, والمحتسب 2/ 198, والتمام في تفسير أشعار هذيل 209, والحماسة البصرية 1/ 227, وأمالي ابن الشجري 2/ 158, ومعاني الفراء 1/ 105، والإنصاف/ 249, والعيني 3/ 603, والخزانة 1/ 301, والديوان/ 29: تحقيق الدكتور نصار.

الصفحة 40