كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

الضرب الثاني: من التقاء الهمزتين وهو ما كان منه في كلمتين منفصلتين:
اعلم: أن الهمزتين إذا التقتا وكل واحدة منهما في كلمة, فإن أهل التحقيق يخففون إحداهما ويستثقلون تحقيقهما, كما يستثقل أهل الحجاز تحقيق الواحدة, وليس من كلام العرب أن تلتقي همزتان محققتان إلا إذا كانتا عينًا مضاعفة في الأصل نحو سماءين ومن كلامهم تحقق الآخرة وهو قول أبي عمرو1 وذلك قول الله عز وجل: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} 2، {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا} 3، ومنهم من يحقق الأولى ويخفف الآخرة, وكان الخليل4 يستحب هذا ويقول: لأني رأيتهم يبدلون الثانية في كلمة واحدة كآدم, وأخذ به أبو عمرو5 في قوله: {يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ} 6 فحقق الأولى وقال سيبويه: وكل عربي والزنة واحدة محققة ومخففة، ويدلك على ذلك قول الأعشى7:
__________
1 أي: أبو عمرو بن العلاء، وانظر الكتاب 2/ 167، والمقتضب 1/ 158.
2 محمد عليه الصلاة السلام: 18.
3 مريم: 7 والآية: {زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} .
4 انظر الكتاب 2/ 196.
5 انظر الكتاب 2/ 197.
6 هود: 72 وفيها قراءات كثيرة سبعية، انظر إتحاف فضلاء البشر/ 259، وغيث النفع/ 130.
7 من شواهد الكتاب 2/ 167 على أن الهمزة المخففة بزنة المحققة، ولولا ذلك لانكسر البيت؛ لأن بعد الهمزة نونًا ساكنة، فلو كانت بين بين في حكم الساكنة، لالتقى ساكنان في الحشو، ولا يكون ذلك في الشعر إلا في القوافي. وعجز البيت:
ريب المنون ودهر مفسد خبل.
ورأيت بمعنى: أبصرت، والأعشى: هو الذي لا يبصر بالليل.
وانظر المقتضب 1/ 155، والحجة 1/ 231، وشرح السيرافي 5/ 11، والإنصاف/ 389، والديوان/ 55.

الصفحة 404