كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

الْقَرْيَة} 1، إنما هو أهل القرية، وأهل العيرِ, فما كان من هذا فأنت في تأنيثه مخير ألا ترى إلى قول الله تعالى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} 2 فهذا على لفظ الجنس. وقال: {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} 3 على معنى الجماعة, وتقول: هذه حصًى كبيرةٌ وحصًى كثيرةٌ, وكذلك كل ما كان ليس بين جمعه وواحده إلا الهاء, قال الأعشى:
فإنْ تُبْصِرِيني وَلِي لِمَّةٌ ... فإنَّ الحَوَادِثَ أَودَى بِهَا4
لأن الحوادث جمع حَدثٍ, والحدثُ مصدر والمصدر واحدهُ وجمعه يؤولان إلى معنى واحد, وكذلك قول عامر بن حريم الطائي:
فَلا مُزْنَةٌ وَدَقَتْ وَدْقَهَا ... ولا أَرْضَ أَبْقَلَ إبقَالها5
لأن أرضًا ومكانًا سواءٌ, ولو قال على هذا: "إنَّ زينبَ قامَ" لم يجز لأن
__________
1 يوسف: 82, وانظر الكتاب 1/ 108 و2/ 25.
2 القمر: 20.
3 الحاقة: 7، وانظر أمالي الشجري 831، والبحر المحيط 1/ 83, وشرح الكافية للرضي 2/ 152.
4 من شواهد سيبويه 1/ 239 على حذف التاء من "أودت" ضرورة، ودعاه إلى حذفها أن القافية مردفة بالألف، وسوغ له حذفها أن تأنيث الحوادث غير حقيقي، وهي في معنى الحدثان. ومعنى فأودى بها: ذهب ببهجتها وحسنها, واللمة: الشعرة تلم بالمنكب، وتبدلها: تغيرها من السواد إلى البياض. ورواية الديوان:
فإن تعهديني ولي لمة ... فإن الحوادث ...
وانظر: معاني القرآن 1/ 128, وأمالي ابن الشجري 1/ 227, والإنصاف 410, والغيث المنسجم 2/ 446, وابن يعيش 5/ 95 و9/ 6 والمسلسل في غريب لغة العرب 250, والديوان 171.
5 من شواهد الكتاب 1/ 240 على حذف التاء من "أبقلت" لأن الأرض بمعنى المكان، فكأنه قال: ولا مكان أبقل إبقالها.
وصف أرضًا مخصبة لكثرة ما نزل بها من الغيث, والودق: المطر، والمزنة: السحابة، ويروى: أبقلت إبقالها, بتخفيف الهمزة ولا ضرورة فيه على هذا.
وانظر: الخصائص 2/ 411, والكامل 405, ومعاني القرآن 1/ 127, والخزانة 1/ 21.

الصفحة 413