كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 2)

بعضٍ، فإن جعلت "فوقَ" وأجودها حالًا نصبتَ "بعضَهُ" وإن شئت قلت: رأيت متاعَك بعضه أحسنَ من بعض فتنصبُ "أَحسنَ" على أنه مفعول ثانٍ وبعضه منصوب بأنه بدلٌ من متاعِكَ.
قال سيبويه: والرفع في هذا أعرف، والنصب عربي جيدٌ1، فما جاء في الرفع: {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ} 2. ومما جاء في النصب: "خلقَ اللهُ الزرافةَ يديها أطول من رجلِيها" قال: حدثنا يونس أن العرب تنشد هذا البيت لعبدة بن الطبيب:
فَمَا كَانَ قَيْسٌ هُلْكُه هُلْك وَاحِدٍ ... ولكنهُ بُنيانُ قَوْمٍ تَهَدَّما3
وقال رجل من خثعم أو بجيلة:
ذَرِيني إنَّ أَمركِ لَنْ يُطاعَا ... وما ألفيتِني حِلْمي مُضَاعا4
وتقول: جعلتُ متاعَكَ بعضَهُ فوقَ بعضٍ، كما قلت: رأيتُ متاعَك
__________
1 انظر الكتاب 1/ 77.
2 الزمر: 60، وانظر الكتاب 1/ 77.
3 من شواهد سيبويه 1/ 77، على رفع "هلك واحد" ونصبه على جعل هلكه بدلًا من قيس، أو مبتدأ أو خبره فيما بعد.
رثى الشاعر: قيس بن عاصم المنقري وكان سيد أهل الوبر من تميم, فيقول: كان لقومه وجيرته مأوًى وحرزًا، فلما هلك تهدم بنيانهم وذهب عزهم.
وانظر: شرح المفصل لابن يعيش 3/ 65.
4 من شواهد سيبويه 1/ 78 على حمل الحلم على الضمير المنصوب بدلًا منه لاشتمال المعنى عليه، يخاطب عاذلته على إتلافه ماله، فيقول: ذريني من عذلك فإني لا أطيع أمرك، فالحلم وصحة التمييز والفعل يأمرني بإتلافه في اكتساب الحمد ولا أضيع، والبيت من قصيدة لعدي بن زيد العبادي.
وانظر: الهمع 2/ 172, والدرر اللوامع 2/ 165, والمفصل لابن يعيش 3/ 65، ومعاني الفراء 2/ 73، وشواهد الألفية للعاملي 345, وشرح شواهد ابن عقيل للجرجاوي/ 178.

الصفحة 51