كتاب غاية الأماني في الرد على النبهاني (اسم الجزء: 2)

لحاجته إليهم، وتارة لخوفه منهم، وتارة لجزاء إحسانهم إليه ومكافآتهم لإيفائهم عليه، حتى أنه يقبل شفاعة ولده وزوجته، لذلك فإنه محتاج إلى الزوجة وإلى الولد، حتى لو أنه أعرض عنه زوجته وولده لتضرر بذلك، ويقبل شفاعة ملوكه فإنه إذا لم يقبل شفاعته خاف أن لا يطيعه أو أن يسعى في ضرره، وشفاعة العباد بعضهم عند بعض كلها من هذا الجنس، فلا يقبل أحد شفاعة أحد إلا لرغبته أو رهبته، فالله تعالى لا يرجو أحدا ولا يخافه ولا يحتاج إلى أحد، بل هو الغني"1.
واستشهد بنصوص كثيرة على ذلك وأطنب في الكلام.
فتبين مما نقلناه؛ أن قياس الخالق على المخلوق في غاية الفساد، بل هو قياس مع الفارق من وجوه كثيرة، ومنه يعلم سقوط كلام النبهاني الغبي، وأنه لا يعلم من فن الأصول شيئاً أصلاً، ولا عرف باب القياس ولا دراه.
وأما قوله بعد زكره منع ابن القيم: وممنوع. اإلخ.
فهي عبارة تدل على أنه لم يمارس شيئاً من العلوم، ولا قرأ ما يقرؤه المبتدئون في طلب العلم، وهو علم آداب البحث والمناظرة، إذ لو شم رائحته لعلم أن المنع لا يمنع، إذ من قواعده أن منع المنع ومنع ما يؤيده لا يفيد، ولولا أن هذه القاعدة من أشهر مسائل هذا الفن لتكلمنا عليها بكلام أكثر من ذلك.
فالحمد لله الذي جعل أعداء الحق وخصماء السنة من أجهل الناس بما يوجب السعادة، وأضلهم عن سواء السبيل.
وأما ما نقله من الفائدة عن كتاب "جلاء الأفهام" وزعم أنها تناقض ما ذكره ابن القيم في إغاثته من الرد على من قاس الخالق على المخلوق؛ فنقول: ليس الأمر كما زعم، ولا مخالفة بين العبارتين، ومن نقل الفائدة بنصها يتبين ما قلناه من أن النبهاني غالط في كلامه، فقد قال ابن القيم في الكتاب المذكور بعد أن عد تسعاً وثلاثين فائدة ما نصه:
__________
1 "مجموعه الفتاوى" (1/ 96- 98) الطبعة الجديدة.

الصفحة 16