كتاب غاية الأماني في الرد على النبهاني (اسم الجزء: 2)

ومن ادّعى شيئاً من علم الغيب، ومن دعا إلى عبادة نفسه، ومن حكم بغير ما أنزل الله، والدليل قوله تعالى: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} 1. وهذا معنى لا إله إلا الله، وفي الحديث: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله" والله أعلم.
هذا آخر رسالة الشيخ أبي عبد الله في العقائد.
فانظر أيها النبهاني إليها واقرأها من أولها إلى آخرها؛ فهل الذي يعتقد هذا الاعتقاد يعد من المبتدعين السالكين غير سبيل الرشاد؟ أم المبتدع هو الذي غيّر وبدل، وحرّف وأوّل، واتبع غير سبيل المؤمنين، وليس عليه دليل في دين المسلمين، كما ابتدعت أيها الزائغ من الغلو العظيم في حق النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وكمل التسليم، ثم عملت بغير شريعته، وسلكت غير سنن سنته.
فيا أيها النبهاني، والشيخ الشيطاني، من الأحق أن يكون من المبتدعين؟ أأنت ومن على شاكلتك من الغواة الضالين؟ أم حزب الرسول الذين سمعت عقيدتهم في الدين المبين؟!.
وأقسم بالله العلي الشأن؛ أن النبهاني ليس له معرفة بدينه كمعرفة أولئك- الصبيان، وليته جدد إيمانه على يد واحد من حزب الرسول، وقرأ عنده تلك العقائد من الأصول، ليخرج عن جادة ضلاله ذلك الزائغ الجهول.
وأما قول النبهاني: وإن قلت: إن ذلك ليس اعتقاده الحقيقي ... إلخ.
فيقال له: إن هذا من بعض الظن الذي قال الله تعالى فيه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} 2 على ما بينه المفسرون وأطنبوا فيه.
__________
1 سورة البقرة 256.
2 أخرجه أحمد (5/231) والترمذي (2616) وابن ماجه (3973) والنسائي في "الكبرى" (6/428/11394) من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه. وهو حديث صحيح بشواهده.
انظر كلام الحافظ ابن رجب الحنبلي عليه في "جامع العلوم والحكم"- الحديث التاسع والعشرون-، وانظر "إرواء الغليل" (2/138/413) .

الصفحة 93