كتاب جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة الثانية

وثانيه في الفضيلة الخليلُ، فإنه قد ثبت في الصحيح (1) أنه خير البرية، وهو أفضل الرسل بعد محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ِ، وقد استغفر لأبيه بقوله: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41)) (2)، ومع هذا فآزرُ في جهنم. وقد اعتذر الله عن إبراهيم من استغفاره له (3).
وأيضًا فقد قال تعالى: (ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (74) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (75) يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آَتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُود (76)) (4).
وأيضًا فالأنبياء صلوات الله عليهم كانوا يجتهدون في الدعاء، كما كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ِ يدعو في مقاماتٍ معروفةٍ، ففي يوم بدرٍ كان يناشد ربَّه ويجتهد في الدعاء حتى أتته البشرى بنزول الملائكة (5)؛ وفي الاستسقاء اجتهد في الدعاء (6)، تارةً في المسجد وتارةً في
ــــــــــــ
(1) مسلم (2369) عن أنس. وأخرجه أيضًا أحمد (3/ 178، 184) وأبو داود (4782) وا لتر مذي (3352).
(2) سورة إبراهيم: 41
(3) في سورة التوبة: 114 (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيم (114))
(4) سورة هود: 74 - 76.
(5) أخرجه البخاري (2915، 3953، 4875، 4877) عن ابن عباس. وأخرجه مسلم (1763) عن عمر بن الخطاب.
(6) وردت أحاديث عديدة في الاستسقاء، منها حديث عبد الله بن زيد الذي أخرجه البخاري (1023 - 1025) ومسلم (894)، وفيه ذكر الدعاء قبل الصلاة. وحديث أنس بن مالك الذي أخرجه البخاري (933، 1013، 1019، 1021) ومسلم (897)، وفيه ذكر الدعاء في خطبة الجمعة.

الصفحة 107