كتاب جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة الثانية

ومنهم من ذمَ الاستحسان تارةً، وقال به تارةً، كالشافعي وأحمد بن حنبل ومالك وغيرهم، ففي كتب مالك وأصحابه ذِكر لفظِ الاستحسان في مواضع (1). والشافعيّ قال: من استحسن فقد
__________
(1) روى أصبغ عن ابن القاسم عن مالك أنه قال: "تسعة أعشار العلم الاستحسان" (الإحكام لابن حزم 6/ 16 والموافقات 4/ 118 والاعتصام 2/ 138). وواضح أنه لم يقصد به الاصطلاح، بل أراد- كما ذكر محمد بن خويز منداد-: القول بأقوى الدليلين، فالذي يذهب إليه هو الدليل، إن كان يسميه استحساناً. (إحكام الفصول 686). وقد نقلت عن الإمام مالك مسائل معدودة قال فيها بالاستحسان ولم يُسبَق إليها، منها: الشفعة في الثمار (المدونة 14/ 134)، والشفعة في الدار المشتركة التي أقيمت في الأرض المحبوسة (المدونة 14/ 109)، والقصاص في الجرح العمد بالشاهد واليمين (المدونة 6/ 216، 217)، وأن عقل الأنملة من الإبهام نصف عقل الإصبع (المدونة 16/ 116 والمنتقى 6/ 92). ولعل الإمام كان يعني هذه المسائل الاستحسانية حين قال في رواية القعنبي: "ليتني جُلِدتُ بكل كلمة تكلمتُ بها في هذا الأمر بسوط ولم يكن فرطَ مني ما فرط من هذا الرأي، وهذه المسائل قد كانت لي سعة فيما سُبقتُ إليها". (جامع بيان العلم وفضله 2/ 145). ولا نجد للاستحسان آثراً بارزاً في أصول الفقه عند المالكية، فبعضهم نسبه للحنفية والحنابلة فقط، ثم نفاه وأبطله، واعتبر النزاع فيه لا طائل تحته، وبعضهم ربطه بالمصالح المرسلة. (انظر: إحكام الفصول 687 - 689 وأحكام القرآن لابن العربي 2/ 746 ومختصر ابن الحاجب بشرح العضد 2/ 288 والموافقات 4/ 116 - 118 والاعتصام 2/ 137 - 150).

الصفحة 165