كتاب جامع المسائل لابن تيمية ط عالم الفوائد - المجموعة الثانية

صحيح إذا كان بينهما فرق مؤثر قد اعتبره الشارع، وليس بصحيح إذا جُمِعَ بغير دليلٍ شرعي وفُرقَ بغير دليلٍ شرفي، وأنه لا يجوز ترك القياس الصحيح.
أما قوله "أستحسن أن يتيمم لكل صلاة، لكن القياس أنه بمنزلة الماء حتى يَجِدَ الماءَ أو يُحدِثَ" (1) فهذا القياس هو الرواية الأخرى عنه، وهو مذهب أبي حنيفة وأهل الظاهر وغيرهم (2)، وهو الصواب، كما دل عليه الكتاب والسنة.
وقوله "القياس" هو قياس الشرع لفظاً ومعنًى. فإن قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الصعيدُ الطيبُ طَهورُ المسلمِ ولو لم يَجدِ الماءَ عَشْرَ سنينَ " (3)، وقوله: "جُعِلَتْ لِيَ الأرضُ مسجداً وطَهوراً" (4) ونحو ذلك، ألفاظ
__________
(1) انظر: ص 173. قال ابن قدامة في المغني 1/ 263: المذهب أن التيمم يبطل بخروج الوقت ودخوله ... فلا يجوز أن يصلي به صلاتين في وقتين، روي ذلك عن علي وابن عمر وابن عباس والشعبي والنخعي وقتادة ... ثم نقل رواية الميموني. وعللها بقوله: لأنها طهارة تبيح الصلاة، فلم تتقدر بالوقت كطهارة الماء.
(2) انظر: كتاب الأصل لمحمد 1/ 121 ومختصر القدوري 5 والمحلى 2/ 128 وحلية العلماء 1/ 205 وفتح القدير لابن الهمام 1/ 95.
(3) أخرجه أبو داود (332، 333) والترمذي (124) والنسائي 1/ 171 وأحمد 5/ 146، 147، 155، 180 من حديث أبي ذر. وصححه الترمذي وابن حبان (126 - موارد) والحاكم في المستدرك 1/ 176، 177.
(4) أخرجه البخاري (335، 438) ومسلم (521) عن جابر.

الصفحة 208